الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (715)

الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (715)

في كلمة أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية ذكر أن النظام العالمي يمر بمرحلة صعبة ودقيقة نشهد خلالها تحولات مفاجئة، وتطوراتٍ غير مألوفة، متابعاً أنها مرحلة تُمثل جسراً بين ما عهدناه وألفناه من تفاعلات دولية وقواعد حاكمة لها، وبين ما لا نعرفه بعد من نظام عالمي يتبلور ويتشكل على وقع ما يجري من أحداث.

جاء ذلك خلال كلمة أبو الغيط في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (715).

وتابع أبو الغيط، ومن طبيعة هذه المراحل الانتقالية تصاعد منسوب انعدام اليقين، وتزايد قدر المجهول، حيث الجميع يجرب، والكل يطرق أرضاً مجهولة المعالم، وبلا خريطة أو بوصلة هادية.

وتابع: وأحسب أن هذه المرحلة، بكل ما تنطوي عليه من مخاطر، تقتضي من الجميع ممارسة أعلى قدر من الحكمة، والتفكير الهادئ المتأني، كما تقتضي أيضاً النظر إلى التكلفة الباهظة للصراعات والحروب، خاصة بين القوى الكبرى، ليس فقط على الشعوب والدول التي تنخرط في هذه الصراعات الخطيرة، وإنما أيضاً على شعوب الدنيا بأسرها.

واستطرد: ففي عالم معقد يقوم على الاعتماد المتبادل، يصعب أن تنأى دولة بنفسها عن تأثيرات حدث كبير مثل الحرب الجارية في أوكرانيا اليوم.

وشدد أبو الغيط، أن المبدأ الحاكم لمواقفنا وتحركنا الدبلوماسي حيال الحرب في أوكرانيا سيظل دائماً المصلحة الوطنية، والمصلحة العربية عموماً، مضيفا أن صراعات القوى العالمية الكبرى سوف تضع ضغوطاً علينا جميعاً. وسوف تُحمِّل بعض شعوبنا قدراً من المعاناة . وعلينا أن نكون مستعدين للدفاع عن مصالحنا واتخاذ المواقف التي تخدم أهدافنا.

وأضاف أبو الغيط، لقد عانت منطقتنا من تدخلات أجنبية وإقليمية لعقود طويلة، وأفرزت هذه التدخلات، في المجمل، نتائج سلبية، ونحن في المنطقة العربية، ندرك جيداً أهمية النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وتكاملها الإقليمي، وطالما نادينا بأن يكون هذا المبدأ هو الحاكم لسياسات الدول وللعلاقات بينها، ولكنه وللأسف، انتُهك مراتٍ على يد عدد من القوى الكبرى، وفي منطقتنا تنتهكه كل يوم قوى إقليمية متعطشة لفرض الهيمنة والتعدي على سيادة الدول.

وشدد أبو الغيط، أقول إن السيادة والتكامل الإقليمي مبدأٌ ثابت من مبادئ القانون الدولي وركيزة جوهرية للنظام الدولي، وقوة هذا المبدأ ورسوخه مستمدان من احترام الجميع -أكرر الجميع- له، وعدم تعديهم عليه.

وفيما يخص التبعات الاقتصادية للأزمة وسوف تُعاني منطقتنا منها موضوع الأمن الغذائي العربي الذي سوف يتأثر سلباً بواقع الاضطراب في واردات الحبوب، وغيرها من المواد الغذائية، من الدولتين المنخرطتين في الصراع أن تداول الاجتماع الوزاري التشاوري الذي عُقد في 30 يناير الماضي بالكويت، اقتراحاً كويتياً بدراسة ملف الأمن الغذائي من كافة جوانبه.. ودراسة إمكانيات وفرص التكامل الغذائي العربي من أجل تعزيز الأمن الغذائي لكافة دول المنطقة، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بملفاتٍ مختلفة من بينها الأمن المائي

الظروف الطارئة تدفعنا مُجدداً للعمل بكل جدية من أجل اقتحام هذا الملف بكل جرأة، وبنظرة علمية، وتوجه مستقأن الأزمة العالمية، متعددة الجوانب، التي نشأت عن الحرب في أوكرانيا لا ينبغي أن تكون سبباً في نسيان أو تناسي الأزمات العربية، التي ما زالت مشتعلة .. إن أزمات المنطقة العربية قد تشهد تعقيدات أشد بسبب العلاقات المتوترة بين القوى الكبرى.. غير أن ما يجري في العالم اليوم يتعين أن يُذكر الجميع بأن منطقتنا تشهد أيضاً صراعات أفرزت أزمات إنسانية مروعة… في سوريا، ما زال نصف السكان في حالة نزوحٍ أو لجوء.. واليمن يشهد أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض بسبب استمرار الميلشيات الحوثية في مشروعها -المدان والمرفوض- للسيطرة على البلاد، وتهديد الجيران بالمسيرات والصواريخ الباليستية… هذه الأزمات لابد أن تُزعج ضمير العالم الذي انتفض لرؤية اللاجئين من أوكرانيا.. فالبشر هم البشر.. واللاجئون هم اللاجئون.. والمعاناة واحدة.. والتداعي العالمي لحل الأزمات والاستجابة لها لابد أن ينطلق من مفهوم إنساني، لا يُميز بين لاجئ وآخر.. ولا بين منطقة أزماتٍ وأخرى.

وفيما يخص الوضع في ليبيا يُثير قلقنا جميعاً … ولا أحد يُريد لهذا البلد أو لمؤسساته الدستورية أن تنقسم.. وإننا نناشد كافة الأطراف الليبية العمل فيما بينها على تجنب شبح الانقسام، أو اللجوء للعنف أو حتى التلويح به، وتجاوز المرحلة الانتقالية الدقيقة عبر التحلي بروح المسئولية الوطنية والتخلي عن أي مغنمٍ شخصي أو حزبي أو مناطقي.. ومن أجل تحقيق التوافق في أسرع وقت على الظروف القانونية والسياسية والأمنية المناسبة لإجراء الاستحقاق الانتخابي.
وفي فلسطين… يظل تعطيل المسار السلمي خطيئة كبيرة، سوف يدفع ثمنها الجميع، من استقرار هذه المنطقة وازدهارها في المستقبل.. إن الشعب الفلسطيني يُعاني استيطاناً تزداد شراسته.. ومداً يمينياً إسرائيلياً يعمل على خلق واقع يقوم، للأسف الشديد، على الفصل العنصري.. ولا أرى طريقة أخرى لوصف الواقع الذي يتشكل أمام أعيننا في فلسطين، يوماً بعد يوم، سوى هذا المصطلح الذي رفضته الإنسانية وظننا أنه صار من مخلفات التاريخ.. ويظل السبيل الوحيد لتفادي هذا السيناريو، الذي لن يكون في مصلحة أي طرف، هو البدء في مسار جاد للتسوية السلمية.. وعلى أساس المحددات المعروفة والتي أقرها العالم، وبما يُفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: