القاهرة – رندة نبيل رفعت
شهدت قناة السويس اليوم حدثاً استراتيجياً غير مسبوق، حيث أعلنت الهيئة عن تحول جذري في سياساتها نحو الاستدامة البيئية والتميز اللوجستي، خلال احتفالية “يوم التفوق” التي حضرها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ووزراء، وسفراء دوليين، وقيادات ملاحية عالمية. وجاءت الفعاليات تتويجاً لمسيرة إنجازات ضخمة شهدتها القناة خلال الأعوام الستة الماضية، بإيرادات تجاوزت 39.9 مليار دولار، رغم التحديات الجيوسياسية والأزمات العالمية.
الاقتصاد الأخضر في صدارة المشهد:
أبرز الإعلانات كان إطلاق “خدمة جمع مخلفات السفن” بالشراكة مع مجموعة “V Group” اليونانية، كخطوة أولى نحو تحويل قناة السويس إلى أول ممر مائي صديق للبيئة بحلول 2030. وتشمل الخدمة -الممتثلة للمعايير الأوروبية- إزالة النفايات الصلبة للسفن العابرة، مع خطة مستقبلية لمعالجة السوائل وإنشاء مصنع لتحويل المخلفات إلى وقود أخضر. ووصف فيرون رئيس المجموعة اليونانية المشروع بـ”التحول التاريخي الذي يعزز ريادة مصر في الملاحة المستدامة”.
تعاون إسباني مصري في الثروة السمكية:
في إطار تعزيز الشراكات الدولية، وُقعت مذكرة تفاهم مع مجموعة تيخيدور لازارو الإسبانية الرائدة، لتنفيذ مشروعات استراتيجية في الاستزراع السمكي وإدارة المزارع وصناعة الأعلاف، تأكيداً على توجه مصر لتعظيم مواردها البحرية، وتنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي خلال زيارته لإسبانيا لتعزيز الاستثمارات الثنائية.
كشف الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس عن تفاصيل مثيرة لأداء القناة رغم التحديات:
- 264 سفينة عدلت مسارها من رأس الرجاء الصالح إلى القناة منذ فبراير 2025.
- ارتفاع الإيرادات بنسبة 8.8% في مارس 2025 مقارنة بيناير من العام ذاته.
- رقم قياسي في 2023 بإيرادات 10.25 مليار دولار قبل انخفاضها إلى 3.99 مليار عام 2024 بسبب أزمة البحر الأحمر.
وأكد ربيع أن القناة نجحت في اجتياز عاصفة التحديات عبر سياسات مرنة، منها تطوير المجرى الملاحي جنوباً لاستيعاب 8 سفن إضافية، وتحديث الأسطول البحري بإضافة 23 وحدة جديدة، وتقديم خدمات ملاحية مبتكرة مثل الإنقاذ البحري ومكافحة التلوث.
مشروعات نوعية تضع مصر على الخريطة الصناعية:
- أول مصنع لإنتاج “البنتونات العائمة” في أفريقيا: بشركة القناة للموانئ، بتكلفة أقل 40% من الاستيراد، لدعم صناعة المراسي البحرية.
- مركز الإبداع والتميز: بالشراكة مع “سيمنز” و”ميرسك”، لتدريب الكوادر على إدارة الأزمات والتقنيات الحديثة.
تأييد دولي ودعوات لاستدامة الوقود الأخضر:
أشاد جاي بلاتن الأمين العام لغرفة الملاحة الدولية بجهود مصر لتصبح مركزاً عالمياً لإنتاج الوقود الأخضر، مؤكداً أن “قناة السويس شريان حيوي لا غنى عنه للاقتصاد العالمي”. بينما أكدت السفيرة الأوروبية أنجلينا أيخهورست على أهمية المبادرات المصرية في تحقيق أهداف المناخ الدولية.
اختتمت الفعاليات باصطفاف 23 وحدة بحرية جديدة في مشهد بهيج، كرمز لقدرة مصر على تحويل التحديات إلى فرص، وتعزيز مكانتها كقلب نابض للتجارة العالمية ووجهة استثمارية رائدة في المشروعات الخضراء.
هيئة قناة السويس تُعيد تعريف مستقبل الملاحة الدولية بخطوات جريئة نحو الاستدامة والابتكار.
