جامعة الدول العربية إدارة الحد من التسلح ونزع السلاح

جامعة الدول العربية إدارة الحد من التسلح ونزع السلاح


خلال افتتاح المؤتمر المعنون “مكافحة الإتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية”

السيد السفير/ كريستيان بيرجر – رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة
يسعدني في مستهل كلمتي أن أرحب بكم في مقر جامعة الدول العربية في افتتاح المؤتمر الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والمعني بـ “مكافحة الإتجار والانتشار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية”، والذي يأتي ليمثل مرحلة جديدة من التعاون بين المنظمتين في مجالات نزع السلاح وعدم الانتشار، نأمل أن يكون مثمراً وفعالاً. كما يسعدني أن أنقل لكم تحيات معالي الأمين العام السيد أحمد أبو الغيط وتمنياته بنجاح أعمال هذا المؤتمر.
ولا يفوتني أيضاً أن أشكر كلاً من برنامج مسح الأسلحة الصغيرة، والانتربول، ومنظمة الجمارك العالمية على دعمهم المقدّر لتنظيم هذا المؤتمر، والشكر موصول أيضاً لكل من البرلمان العربي، ومجلس وزراء الداخلية العرب، وجامعة نايف للعلوم الأمنية، والأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر على تلبيتهم الدعوة.
يعد هذا المؤتمر ثمرة للتعاون القائم بين جامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي اقتناعا منهما بأهمية التنسيق وتآزر الجهود بين المنظمات الإقليمية والدولية، حيث أصبحت هناك آليات للتعاون الجماعي تعقد بشكل منتظم على المستوى الوزاري، ومستوى كبار المسؤولين، ومؤخراً على مستوى القمة.
ولا شك أن هذا التعاون سيعزز لا محالة الجهود المبذولة من قبل المنظمتين في مكافحة الاتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، وبالتالي دعم دورهما لتنفيذ برنامج عمل الأمم المتحدة المعني بمكافحة هذه الأسلحة على المستويات الثلاثة: الوطنية والإقليمية والدولية.
لا خلاف على أن للأسلحة الصغيرة استخدامات قانونية لا غنى للدول والحكومات عنها كونها إحدى أدوات حفظ الأمن وفرض القانون. إلا أنه ونظراً لما تتمتع به هذه الأسلحة من صفات خاصة، لاسيما تكلفتها البسيطة وسهولة نقلها وصيانتها واستخدامها، جعلها السلاح المفضل للجماعات الخارجة عن القانون وخاصة الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي، وأصبحت تشكل إحدى الأسباب الرئيسية لزعزعت الاستقرار وتفاقم التوترات الإقليمية وتوسع الشبكات الإرهابية والإجرامية والصراعات التقليدية وغير التقليدية التي باتت تدمر المجتمعات المحلية وتساهم في إطالة أمد النزاعات.
وقد شهدت بعض الدول العربية خلال الأعوام الماضية نزاعات داخلية تَرتّبَ عنها تفاقم ظاهرة انتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة غير المشروعة وإطالة أمد النزاع للحد الذي أصبح يقلق ليس فقط دول الجوار بل المجتمع الدولي أيضاً. وهو ما زاد من اهتمام وانشغال الدول العربية بمسألة مكافحة هذه الأسلحة في السنوات الأخيرة، وأصبح يرتقي في سلم أولوياتها في مجابهة التحديات والمخاطر المستقبلية، وهو دليل أيضاً على تزايد الوعي الإقليمي بآثار هذه المشكلة على مختلف القطاعات التنموية خاصة في فترة النزاع ومرحلة ما بعد النزاع.
فجامعة الدول العربية، وبالرغم من تنوع وتعدد أولويات العمل العربي المشترك التي تنبع من الظروف الخاصة بدولها الأعضاء وما تفرضه من متطلبات أمنية وتنموية، إلا أنها تعي تماما مخاطر التجارة غير المشروعة بالأسلحة، وآثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية على الأفراد والمجتمعات وخاصة على بؤر التوتر والنزاعات، ما يتطلب أن يكون هناك تصور شامل وممنهج لمعالجتها بشكل فعال.
ومن هنا تكمن أهمية هذا المؤتمر في المساهمة عن كثب في التطورات التي يشهدها هذا المجال، والتطرق إلى جميع التحديات المترتبة عليه للتوصل إلى صورة واضحة تنعكس بالإيجاب على الأمن القومي العربي من خلال طرح أفضل الممارسات والدروس المستفادة لمواجهة هذه التحديات، والخروج بتصور عملي شامل وقابل للتنفيذ يضع المصلحة العربية الجماعية فوق كل اعتبار.
إن ظاهرة الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة لا يمكن معالجتها على حدة كونها ليست مشكلة في حد ذاتها، لكنها أحد أعراض وتداعيات مشاكل أخرى كثيرة، لذلك يجب تكاتف جهود الدول والمنظمات الدولية لوضع استراتيجية دولية للقضاء على هذه الظاهرة.
ومن جانبنا نرى أهمية التأكيد على بعض النقاط التي قد تساهم في دعم التوجه الدولي نحو مكافحة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ومن بينها مثلاً قصر الاتجار بهذه الأسلحة فيما بين الحكومات، وأهمية المساعدة الدولية والتعاون الدولي واستمراريتهما لمساندة الجهود الوطنية، وتوفير التكنولوجيات الحديثة لتتبع وكشف الأسلحة المهربة، مع التأكيد على حق الدول في الدفاع عن النفس وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد لا يفوتني أن أُثني على الدور الدؤوب والمحوري الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون الدولي ومساعدة الدول في رفع الوعي بأهمية مكافحة الاتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة.
يعد هذا المؤتمر المناسبة الدولية الأخيرة في المنطقة العربية قبل بدء أعمال “الاجتماع الثامن من الاجتماعات التي تعقدها الدول كل سنتين للنظر في تنفيذ برنامج العمل المتعلق بمنع الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة من جميع جوانبه ومكافحته والقضاء عليه” والذي سيبدأ أعماله في نيويورك أواخر الشهر القادم.
ونأمل بأن يكون مؤتمرنا هذا إضافة مهمة للجهود الدولية التي تهدف إلى دعم تنفيذ برنامج العمل وبناء الثقة بين الدول من أجل القضاء على الاتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة لما فيه صالح الأجيال القادمة في منطقتنا العربية والعالم أجمع. ونحن على ثقة كاملة بأن ما سيطرح من أفكار، وما سيقدم من خبرات وتجارب خلال هذا المؤتمر من الجانبين سيشكل إضافة كبيرة في هذا المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: