تلبيةً للدعوة التي تلقاها الأمين العام لجامعة الدول العربية من وزير الداخلية والبلديات، وتكريساً للخطوات الداعمة للبنان على مختلف الأصعدة، شاركت بعثة برئاسة السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد في مراقبة انتخابات أعضاء مجلس النواب.
وفي هذا الإطار، تم التوقيع مع وزارة الداخلية والبلديات على مذكرة تفاهم لتحديد حقوق وواجبات أعضاء البعثة للقيام بمهمتهم، وخاصةً ما يتعلق بمراقبة عمليات الاقتراع والعد الفرز، ورصد مدى مطابقتها للقوانين الوطنية، ومعايير الحياد والنزاهة المتعارف عليها دولياً، في إطار إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات المعتمد من جامعة الدول العربية منذ 2015.
وقد أجرى رئيس البعثة لقاءات للاطلاع عن كثب على الاستعدادات التنظيمية والأمنية المتخذة، والاستماع لوجهات نظر بعض الجهات المعنية بهذا الاستحقاق، وذلك كالآتي:
- وزير الداخلية والبلديات
- محافظ بيروت
- رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات
- رئيس المجلس الدستوري
- وكيل الأمين العام، المنسقة الخاصىة للامم المتحدة في لبنان
- الجمعية اللبنانية من أجل الديمقراطية للانتخابات (لادي)
وقد توخت البعثة من خلال هذه اللقاءات الانفتاح على شركاء العملية الانتخابية.
وكانت البعثة قد أصدرت البعثة 8 بيانات بشأن هذه اللقاءات.
ملاحظات أولية
أولاً: تسجيل الناخبين
- أعطى الإطار القانوني المنظم للانتخابات لجميع اللبنانيين البالغين 21 عاماً ويتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية الحق في الاقتراع، بما في ذلك القاطنين بالخارج.
- تعتبر القوائم الانتخابية دائمة، ويتم تنقيحها سنوياً، كما نص الإطار القانوني على حق الطعن على قوائم الناخبين.
- أعلنت وزارة الداخلية والبلديات أن المجموع العام للناخبين المسجلين في قاعدة بيانات انتخابات مجلس النواب بلغ 3.970.507 ناخب منهم 225.624 ناخب بالخارج.
ثانياً: تسجيل المرشحين - تم فتح باب الترشيح وفق الآجال القانونية، ووصل عدد اللوائح المترشحة لمقاعد مجلس النواب 103 لائحة، تتضمن 718 مرشحاً من بينهم 118 إمرأة، علماً بأن المجلس يضم 128 مقعداً موزعين على أساس تمثيل طائفي ومناطقي طبقاً للدستور.
- أعطى القانون الحق في الترشح لكل مواطن يبلغ من العمر25 سنة ميلادية، مما يعطي مؤشراً على تعزيز تواجد الشباب في البرلمان.
ثالثاً: فترة الحملات الانتخابية
- تابعت البعثة المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية للمرشحين. وسجلت تراجعاً في حجم الأنشطة الخاصة بالحملات الانتخابية للمرشحين مقارنة مع استحقاق 2018. وقد يرجع ذلك، من بين معطيات أخرى، إلى إكراهات الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي.
- تناول قانون مجلس النواب تنظيم الأماكن المخصصة للإعلانات الانتخابية. ولاحظت البعثة عدم التزام المرشحين بذلك، الأمر الذي أدى إلى الانتشار غير اللائق لليافطات والإعلانات الانتخابية في الفضاء العمومي.
رابعاً: انتخابات المواطنين بالخارج - سجلت البعثة أن انتخابات المواطنين بالخارج جرت على مرحلتين وشهدت اقبالاً نسبياً، حيث بلغت 63.05 % رسمياً في 58 دولة.
خامساً: اقتراع موظفي مراكز الاقتراع: - سجلت البعثة أن تخصيص يوم كامل لتصويت موظفي مراكز الاقتراع (الأقلام) لتمكينهم من التفرغ لتدبير العملية الانتخابية يعد تجربة مبتكرة قد تسهم في جودة التنظيم.
سادساً: يوم الاقتراع - قام رئيس البعثة والوفد المرافق، مع افتتاح عملية الاقتراع، بزيارات ميدانية لمجموعة من المراكز الانتخابية في مختلف المناطق في بيروت وضواحيها. كما زار غرفة العمليات بوزارة الداخلية والبلديات للاطلاع على سير العمل وخاصةً كيفية التعاطي مع الشكاوى ومعالجة الإشكالات والتجاوزات التي ترد من المحافظات.
- انتشرت فرق البعثة في عدد من الدوائر الانتخابية في مختلف المناطق على امتداد التراب الوطني، حيث تفقدت 11 مكتب افتتاح و210 مكتب اقتراع. كما حضرت إجراءات عد وفرز الأصوات في عشرة مكاتب على أساس الانتشار الجغرافي للفريق.
- تأمين مراكز الاقتراع:
- سجلت البعثة تعبئة مكثفة من قوات الجيش والشرطة تحسباً لما من شأنه عرقلة السير العادي للاقتراع.
- رصدت البعثة التأمين الجيد لعملية التصويت من خلال الانتشار المكثف لقوات الأمن في مداخل مراكز الاقتراع ومحيطها.
- افتتاح مكاتب الاقتراع:
- افتتحت معظم مكاتب الاقتراع التي زارتها البعثة خلال يوم الاقتراع في الموعد القانوني الساعة السابعة صباحاً، إلا أن البعض منها شهد تأخيراً في عملية الافتتاح بسبب عدم وصول موظفي المكاتب.
- شهدت عملية الافتتاح حضوراً ملحوظاً لمندوبي المرشحين والقوى السياسية، بالاضافة إلى عدد من المراقبين المحليين والدوليين ووسائل الإعلام في بعض هذه المكاتب.
- ترى البعثة أن إجراءات عملية الافتتاح في المراكز التي زارتها جرت وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 44 لانتخاب أعضاء مجلس النواب.
- مواد الاقتراع:
- رصدت البعثة توفر المواد الانتخابية، ومن بينها أوراق الاقتراع والأظرف والقوائم الانتخابية والمعازل والحبر والاقفال المرقمة والصناديق اللازمة لإتمام عملية الاقتراع في غالبية المراكز.
- إجراءات الاقتراع
- لاحظت البعثة أن عملية الاقتراع جرت في مناخ تنظيمي مقبول، وبأن بعض موظفي مكاتب الاقتراع في حاجة إلى التوعية والتدريب والإلمام المحكم بإجراءات المنظومة الانتخابية.
- مظاهر الدعاية الانتخابية ومحاولات التأثير على الناخبين:
- رصدت البعثة استمرار مظاهر الدعاية الانتخابية خلال يوم الاقتراع في محيط عدد من مراكز الاقتراع من خلال تجمعات دعائية للقوى المتنافسة، مما يكون قد أثر على إرادة الناخبين وحقهم في الاختيار الحر.
- تؤكد البعثة ضرورة تفعيل القوانين وتطبيق الإجراءات الجزائية ضد المخالفين، حفاظاً على ممارسة حق التصويت الحر المكفول بقوة الدستور والقانون.
وفي هذا السياق، تأسف البعثة لما أعلنت عنه المصادر الحكومية والجهات المراقبة بشأن ما شاب اليوم الانتخابي من مظاهر عنف واشتباكات. وقد سجل فريق جامعة الدول العربية المتواجد في قضاء زحلة حدوث مواجهة مؤسفة بين أنصار حزبين متنافسين.
- مشاركة المرأة:
- سجلت البعثة زيادة في عدد المرشحات حيث بلغ العدد 118 مرشحة في 2022 مقابل 86 في انتخابات 2018.
- رصدت البعثة حضوراً ملحوظاً للعنصر النسائي كناخبة في عملية التصويت وضمن تشكيل مراكز الاقتراع.
- مشاركة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة:
- لاحظت البعثة تعاون موظفي مراكز الاقتراع مع كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم المساعدة اللازمة لهم في غالبية المراكز التي زارها المراقبون.
- سرية التصويت:
- لاحظت البعثة ضمان المعزل لسرية التصويت في غالبية المراكز الانتخابية التي زارتها.
- مندوبي المرشحين:
- رصدت البعثة حضوراً ملحوظاً للمندوبين في مراكز الاقتراع التي زارتها.
- وعي الناخبين بإجراءات عملية الاقتراع
- تدعو البعثة إلى تعميم أوسع لبرامج التوعية الانتخابية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لتبسيط عملية التصويت، وذلك انطلاقاً مما لاحظته بمحدودية الوعي الكافي والدقيق للناخبيين باجراءات عملية الاقتراع في حالات محددة.
- ولوج المراقبين إلى مراكز الاقتراع:
- رصدت البعثة تعاون رجال ونساء الأمن وموظفي الاقتراع مع مراقبي البعثة، حيث لم يواجه المراقبون صعوبةً في دخول مراكز الاقتراع التي زاروها.
- إغلاق المراكز وبدء عملية العد والفرز:
- أُغلقت مكاتب الاقتراع التي زارتها البعثة في الوقت القانوني في تمام السابعة مساءً، وذلك بعدما تم التأكد من عدم وجود ناخبين أمام مكاتب الاقتراع.
- لم يتم استخدام الكاميرا في بعض المكاتب التي تواجدت بها البعثة.
- لاحظت البعثة أن إجراءات العد والفرز في المراكز التي زارتها جاءت كاملةً وصحيحةً وفقاً للقانون، وتم تحرير المحاضر وتعليقها خارج المكاتب.
- لم يكن موظفي مكاتب الاقتراع في بعض الأحيان على دراية كافية بإجراءات عمليتي العد والفرز، وهو ما يتطلب تنظيم دورات تدريبية للموظفين المعنيين في المستقبل.
سابعاً: توصيات وخلاصات
- سجلت البعثة انشغالات بعض مكونات الطبقة السياسية بشأن طبيعة النظام الانتخابي المعمول به، وهو نظام القائمة النسبية المفتوحة (الصوت التفضيلي) الذي يجعل التنافس أحياناً فيما بين مرشحي القائمة الواحدة نفسها. وهذا ما يثير حالة من التنافر وتغليب المصلحة الشخصية.
- ترى البعثة أن النظام الانتخابي الحالي لا يساعد على ضمان تمثيلية نسائية مناسبة في ظل عدم وجود كوتا (حصة) انتخابية للمرأة. مما قد يتطلب قيام السلطة التشريعية بالنظر في دمقرطة النظام الانتخابي.
- سجلت البعثة الاختلالات التي تكتنف مسالة تجاوز سقف الإنفاق الانتخابي في ضوء مطالبة قوى سياسية ومدنية تعزيز وإحكام آليات المراقبة المالية، وتقوية صلاحيات هيئة الإشراف على الانتخابات للقضاء على ظاهرة شراء الأصوات واللجوء إلى إغراءات عينية تتعارض مع مقومات نزاهة ومصداقية الفعل الانتخابي، حرصاً على حق الاختيار الحر والمتكافئ للناخبين.
- سجلت البعثة استخدام بعض ألوان الطيف السياسي لخطاب تحريضي ومحاولات الحشد الانتخابي خلافاً لأحكام دستور الدولة والقانون الانتخابي.
- سجلت البعثة الجدل القائم حول موضوع “الصمت الانتخابي” من حيث تقسيمه ومدته وتأويلاته، مما قد يتطلب إعادة النظر في مقتضياته لرفع أي لبس في الاستحقاقات المقبلة.
- تؤكد بعثة جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات النيابية أن هذا الاقتراع جرى إلى حد بعيد في نطاق احترام مقتضيات القانون والأنظمة.
- ستصدر البعثة تقريرها النهائي متضمناً ملاحظاتها التفصيلية وتقييمها النهائي وتوصياتها بعد انتهاء الفترة المخصصة للطعون وإعلان النتائج النهائية، لترفعه للأمين العام لجامعة الدول العربية، لإحالته لاحقاً إلى الجهات المعنية بالجمهورية اللبنانية.
- تتطلع بأن تكون مرحلة جديدة في العمل الوطني الهادف والبناء يضطلع فيها البرلمان بدور كامل وفعال في الدفع بمسار التغيير والإصلاحات بما يتماشى مع الطموحات المشروعة للشعب اللبناني في الاستقرار والعيش الكريم.