الأخوة الكردية-العربية.. تنتصرعلى الإرهاب في الحسكة

الأخوة الكردية-العربية.. تنتصرعلى الإرهاب في الحسكة


الكاتب والباحث السياسي – المهندس أحمد شيخو
مرة أخرى تفشل المحاولات البائسة للقضاء على مشروع الأخوة العربية-الكردية و أخوة الشعوب في سوريا والمنطقة وهي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ، ولاشك أنه بعد كل تلك المحاولات وأخرها عبر هجوم داعش على سجن الصناعة في الحسكة للسيطرة على الحسكة وفصل دير الزور والرقة عنها والتمهيد لدخول تركيا وإيران ومعهم الإخوان الإرهابين والبعث القوموي المتحور إيرانياً وقضائهم على الإدارة الذاتية وتقسيم مناطقها بينهم وأخذ العرب والكرد رهائن و مرتزقة وجنود إنكشاريين للعثمانية الجديدة أو كتائب وأذرع إيرانية للشيعة القومية الفارسية لاحتلال الدول العربية.
لكن المقاومة البطولية لقوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي للإدارة الذاتية وتكاتف ووحدة الشعبين العربي والكردي وغيرهم من التكوينات المجتمعية في الحسكة وفي مجمل شمال وشرق سوريا أفشلت الخطة وأنقذت سوريا والمنطقة مرة أخرى كما أنقذتها سابقاً بالقضاء على مشروع داعش وخلافتها المزعومة في كوباني و الرقة وباغوز.
ستخرج الإدارة الذاتية وقواتها الأمنية وقوات سوريا الديمقراطية أقوى من السابق في المشهد السياسي السوري وفي المشهد التفاعلي مع المجتمع الدولي و في كافة المجالات الأمنية والعسكرية و السياسية والاقتصادية والثقافية، بالرغم من التضحيات والشهداء التي يقدمها شعوب شمال وشرق سوريا لحماية سكان شمال وشرق سوريا والسورين الوافدين إليها من الداخل ورغم احتلال تركيا لبعض المناطق في شمال سوريا التي ستتحرر من كل بد .
وبالتالي ستتعزز بعد نصر الحسكة على داعش، كيان الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا كمشروع وطني سوري سيادي وممثل لكل السورين وبكافة تكويناتهم المجتمعية وحامي للاستقرار ووحدة سوريا وسيادتها وتكاملها مع محيطها العربي والإقليمي كعمق استراتيجي وحاضنة طبيعية لها وكجزء فعلي ورئيسي من القرار الدولي 2254 لحل الأزمة السورية.
لكن لو أردنا أن نبحث في فواعل الانتصار في الحسكة على هجوم داعش على سجن الصناعة علينا أن نذكر عدة نقاط:
1- الديمقراطية المباشرة والحقيقية التي تتواجد في مشروع الإدارة الذاتية ، حيث أن لكل مكون وخصوصية مجالها الخاص والخاصة بها وفق ماهيتها وبنيتها وحريتها وإرادتها الحرة في إطار النظام التشاركي والتركيب المجتمعي الواسع الجديد الناشئ بالتشارك الذهني والإرادة الحرة . حيث أن كل مكون له حق إدارة نفسه بنفسه ولا يتم قيادة أحد من قبل أحد بل كل مكون يقود نفسه ويتم التشارك في القيادة والإدارة العامة. وبذلك يتحقق الإنتماء و الإرتباط المجتمعي والشعبي الذاتي والجوهري مع الإدارة الذاتية والكل يكون مسؤول فيها وعنها وليس مثل الدول القومية التي تخضع المجتمعات والشعوب بالقوة والخوف والترهيب.
2- العمل المستمر على إنجاز الثورة الحقيقية وهي إزالة كل العوائق أمام المجتمع لكي تقوم أنسجته الأخلاقية والسياسية بالعودة للنبض وللعمل. وليس كمثل التوجهات والتيارات الأخرى اقتصار الثورة والأهداف فقط بالوصول إلى السلطة والحكم. وهي ليس بالثورة والتغير وإنما تغير الحاكم والسلطة، وأغلب الحركات وتيارات التحرر الوطني والثورات في القرن الأخيرين ليست بثورات وإنما تغيير سلطات وسلالات حاكمة.
3- تنظيم وتدريب وتوعية المجتمع بشكل مستمر من منطلق لتغير السلوك لابد من تغير الذهنية وبالتالي أكاديميات التدريب والتوعية والتنوير المختلفة أوجدت تغير لابأس به في إعادة توجيه بوصلة المجتمع في شمال وشرق سوريا إلى الأخوة وقبول الأخر وبذلك التخلص من رواسب والأفكار الغريبة عن مجتمعنا وشعوبنا مثل القوموية والإسلاموية والجنسوية.
4- مشاركة المرأة في كافة المجالات والمؤسسات في الإدارة الذاتية من الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها مما أعطى للمجتمع في شمال سوريا وشرق سوريا قوة أساسية وقادرة على التغير الحقيقي حيث أن الثورة التي لاتحرر المرأة ليست بثورة وفي شمال سوريا الإدارة الذاتية هي تجسيد لإرادة المرأة الحرة ومشاركتها الفعالة بالإضافة إلى دور الشباب الريادي المكمل للمرأة كونهم أكثر المكونات الرغبة في التغيير الحقيقي.
5- انفتاح الإدارة الذاتية وإمكانيتها على التواصل والتفاعل وعقد العلاقات مع شعوب ودول المنطقة ومحيطها العربي ، حيث أنها لاتهدف إلى إقامة أو بناء أو تهديم أية دولة أو حدود مرسومة بل تهدف إلى إنجاز التحول الديمقراطي والحل الديمقراطي للقضايا الوطنية مثل القضية الكردية وغيرها عبر الدستور الديمقراطي والاعتراف المتبادل بين الدولة والمجتمع وحق المجتمعات في تنظيم وإدارة نفسها والتحرك وفق مجال وحرية يتم التوافق عليها ضمن الدستور الديمقراطي الذي يتم الاتفاق عليه عبر اعتراف الدولة بحق الشعب الكردي وأي مكون أو خصوصية بإدارته الذاتية كأدنى حل مقبول للحل ضمن الدول القائمة.

من الهام الإشارة إلى أن هزيمة داعش في الحسكة وفي هجومها الإرهابي بحوالي 200 إرهابي انتحاري على سجن الصناعة هو أيضاً هزيمة لمن حاول تبرير هجوم داعش ومساعدة داعش عبر الدعم الفعلي الاستخباراتي واللوجستي والعسكري كتركيا ومرتزقتها من ما تسمى المعارضة السورية مثل الائتلاف الإخواني وأيضاً لمن حاول استغلال الحادث الإرهابي عبر دعم الإرهاب إعلامياً وعبر البينات الكيدية والشوفينية أو عبر النفخ في العروبية القوموية المزيفة الاصطناعية البعيدة كل البعد عن أصالة الشعب العربي وثقافته أو عبر التحريض وبث خطاب الفتنة والفرقة بين الشعبين الكردي والعربي واغتيال الشخصيات الاعتبارية من الشعبين واتهام الآخر وضخه اعلامياً ومحاولة استغلالها كما مع رؤساء العشائر العربية.
إن المعلومات التي تم ذكرها في بيانات الإدارة والقوات الأمنية والعسكرية في شمال شرق سوريا من قدوم الانتحاريين من ثلاث مناطق من مناطق الاحتلال التركي في مدينة رأس العين وتل أبيض من العراق ومن البادية السورية التي تتحكم فيها إيران، وبالإضافة مواقف روسيا و إلى مراقبة السياسة الإعلامية ورصدها ، نستطيع القول أن الهجوم الداعشي على الحسكة وشعوب شمال شرق سوريا والإدارة الذاتية هي من مخرجات واتفاق محور الأستانة( تركيا، إيران وروسيا) واتابعهم من الإخوان الإرهابين والبعث القوموي العنصري، ولاشك أننا عندما نقول تركيا متورطة يشمل مرجعيتها الدولية الناتو، فلولا سماح ترامب لأردوغان ولولا دفع محور استانة لتركيا باحتلال رأس العين وتل أبيض لما قدم اليوم الإرهابين من رأس العين وتل أبيض ونفذوا هجمتهم على سجن الصناعة في الحسكة.
مع الأسف أصدرت ما تسمى وزارة الخارجية السورية التابعة لإيران أو روسيا في سلطة دمشق بيان أكد وقوفها بجانب هجوم داعش وذلك بإتهامات باطلة ومزيفة هي من قامت بها أساساً، للقوات التي دافعت عن أهل الحسكة في وجه هجوم داعش ، دون أن تذكر هجوم داعش ولو بكلمة، في الوقت الذي كان من الأجدى لسلطة دمشق مساعدة تلك القوات لمحاربة داعش ودعم مؤسسات الإدارة الذاتية لمساعدة الأهالي وتأمين احتياجاتهم. وهذا يؤكد أن سلطة دمشق غير قادرة على أي مقاربة واقعية وسليمة للواقع الوطني السوري الموجود في شمال وشرق سوريا في الوقت الذي أكدت الإدارة الذاتية على استعدادها للمفاوضات والاتفاق لتحرير الأراضي المحتلة وبناء سوريا الديمقراطية التعددية لكل شعوبها وأبنائها، لكن الوارد أن الإرادة الوطنية السورية لم تعد موجودة لدى سلطة دمشق نتيجة نفوذ محور الاستانة عليها وربما لن تكون قادرة على رفض أي مشروع يتم فرضه عليها من قبل روسيا وأمريكا إذا توافقوا على نموذج معين للحكم والسلطة في سوريا. علماً أنه لولا وجود قوات سوريا الديمقراطية وشهدائها وحربها ضد داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية لما بقى شيء إسمه الدولة السورية أو حكومة دمشق وحتى أن شرق مدينة حلب لم تستطع قوات النظام وحلفائه من تحريرها إلا بعد أن حررت قوات سوريا الديمقراطية مدينة منبج. ومن الواضح أن الشرعية العربية والدولية لن يتم منحها مجدداً للسلطة في دمشق إلا بعد قيامها بإجراءات تسهل عودتها للمحيط والحض العربي كما يقوله وزراء خارجية الدول العربية الأساسية والكبيرة وهذا يعني الكثير.

بعد تحرير مدينة الرقة من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي والقضاء على داعش من عاصمتها و من يومها تشكل و توحد أهداف تركيا وإيران وروسيا في محور أستانة في محاربة مشروع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية كون بعد تحرير مدينة الرقة أصبحت الإدارة الذاتية البديل المحتمل والممكن والأقوى لأي سلطة أخرى في سوريا المستقبل سوريا الديمقراطية كون مشروع الإدارة الذاتية مشروع وطني سوري ويتواجد فيها من كل المكونات السورية وهو نموذج حل يتوافق مع المعاير الديمقراطية العالمية ومع ثقافة وقيم المنطقة ومجسد للعلاقة بين شعوب المنطقة. ولذلك أي تهديد أو هجوم أو عدم استقرار في مناطق الإدارة الذاتية يتم دعمه من قبل محور أستانة وكل اجتماعاتهم تخرج بقرارات معادية للإدارة الذاتية وتشويه صورتها وألصاق تهمة الانفصال بها علماً أن الإدارة الذاتية هي التي حمت وحدة سوريا وسيادتها ودافعت عنها ضد الاحتلال والتقسيم التركي لسوريا كما أن تركيا احتلت 10% من مساحة سوريا وبالتوافق ضمن محور أستانة ولا يوجد أي موقف من كل ممارسات التتريك والتهجير والقيام بالتغير الديموغرافي والتطهير العرقي وبناء جدران الفصل العنصري الذي تقوم به تركيا في شمال سوريا في مناطق الاحتلال التركي حتى أن اتفاقية أضنة مازالت سارية المفعول وفي ذكرى انفصال لواء اسكندرون اصدر خارجية سلطة دمشق بيان حول لواء اسكندرون دون ذكر عفرين ورأس العين وتل أبيض وأعزاز والباب وإدلب وكأن من حق تركيا تقسيم هذه المناطق وضمها لتركيا طالما ساعدت روسيا في بقاء سلطة دمشق وهزيمة المعارضة.
كما أن أمريكا بعد تحرير الرقة غيرت من استراتيجتها وباتت تقترب من تركيا أكثر في المعادلة السورية واستشعرت هي أيضاً خطورة تطور مشروع الإدارة الذاتية الاجتماعي والسياسي والاقتصادي كونه يحمل استقلالية فكرية ويقوي إرادة الإنسان الحروالمجتمعات والشعوب و له أبعاد تتجاوز استراتيجية الهيمنة العالمية في المنطقة ويؤدي في النهاية إلى كونفدرالية ديمقراطية في المنطقة لشعوبها، فعملت أمريكا على محاولة تحجيم مشروع الإدارة الذاتية أو ترويضها وعندما لم تستطيع ذلك سمحت لتركيا باحتلال عفرين بعد توافق تركيا وروسيا وإيران أولاً وسمحت لها أيضاً باحتلال رأس العين وتل أبيض بعد توافق تركيا وروسيا وإيران أولاً ومن الوارد أن لا تكون بعض مؤسسات أمريكا بريئة من أحداث الحسكة كونها وبالإضافة إلى روسيا يمتلكون وسائل مراقبة ومعلومات استخباراتية تكون قادرة في كثير من الأحيان على رصد تحركات ومخططات الإرهابين وعملية بهذا الشكل الكبيروبمخطط كبير وأهداف ضخمة لابد أن يكون مرصود وربما يمكننا دعم وجهة النظر هذه أو تفنيدها حسب المقاربة والسلوك القادم لأمريكا وروسيا وتركيا.أو ربما تكون هذه المحاولة قبل قبول الإدارة الذاتية سياسياً في المعادلة السورية والإقليمية أو محاولة للضغط على الإدارة بسبب وضعها عقد اجتماعي ديمقراطي جديد وموسع لمناطق شمال سوريا وبإرادة حرة من مكوناتها وشعوبها والتحضير للذهاب إلى الانتخابات لإنتخاب إدارة جديدة وموسعة مع عدم حصول توافق بين الأنكسة(ذراع تركيا وأمريكا المحتمل في الإدارة الذاتية إن حصل توافق) وأحزاب الإدارة الذاتية.
لقد مرت شعوب شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية بمراحل صعبة ومخاضات عسيرة منذ حوالي 10 سنوات وفي كل مرة تخرج بشكل أقوى وأكثر تفاعلا وحضوراً في المشهد السياسي والتفاعلي ولاشك أن النصر الجديد على داعش في الحسكة سيكون مرحلة جديدة إن تم قيادته بحرفية وسياسة ذكية مرنة وموفقة للوصول بالإدارة الذاتية إلى الاعتراف السياسي من قبل الشرعية الإقليمية والدولية بعد أن كسبت شرعيتها الشعبية والثورية من واقع خدمتها وعملها وحمايتها لوحدة وسلامة واستقرار سوريا، ولاشك أن المجتمع الدولي ودول المنطقة عليها التعامل بشكل أوسع وعلى نحو داعم من النواحي السياسية والاقتصادية للكيان المجتمعي الديمقراطي الوطني السوري الإدارة الذاتية وقواتها الأمنية ومؤسساتها المختلفة وقوات سوريا الديمقراطية والعمل معهم في معالجة دولية لقضايا معتقلي داعش وأسرهم فهذه قضية دولية وعلى مجلس الأمن والأمم المتحدة القيام بواجبها في حماية السلم والأمن ومعالجة تطور الصعود المحتمل لداعش إن كان عبر إرجاع الدواعش لدولهم أو عبر محاكم دولية بالتنسيق مع محاكم الإدارة الذاتية لمحاكمة الدواعش وتأمين أماكن احتجاز وبتقنيات ووسائل كافية للقوات الأمنية التي تحمي السجون. ولابد من استمرار دعم القوات التي تشكل الحقل الأول والأمامي في محاربة داعش قوات سوريا الديمقراطية وإيصالها إلى قدرات الاكتفاء الذاتي الأمني والعسكري والتقني لمحارية داعش وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة وكذلك عدم اقتصار الدعم على جانب معين بل أن يمتد إلى الجوانب الصحية والتعليمية والخدمية والاجتماعية والإعلامية، فدعم مناطق شمال وشرق سوريا والاعتراف بالإدارة الذاتية سياسياً وضمها للمسار السياسي الدولي وتحرير المناطق التي تحتلها تركيا والإرهابين من مرتزقة ماتسمى الجيش الوطني السوري الإنكشاري هو تعزيز لقدرات محاربة داعش والتركيزعليه ومنع الطريق لرجوعه وتهديده الأمن والاستقرار والسلم الدولي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: