كتبت – رندة نبيل رفعت
في ليلة مسرحية استثنائية تليق بقامات فنية كبيرة، يشهد المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية مساء الأحد 21 يوليو، افتتاح الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري، والتي تحتفي هذا العام بالمخرج المسرحي الكبير أحمد عبد الجليل، أحد أعمدة الحركة المسرحية في الأقاليم، وصاحب تجربة إخراجية شكلت الوعي المسرحي لدى أجيال متعاقبة.
ويأتي تكريم عبد الجليل ضمن كوكبة من رموز المسرح المصري الذين أثْروا الساحة بإبداعاتهم، ومن بينهم الفنان محيي إسماعيل، النجم أشرف عبد الباقي، الفنانة ميمي جمال، الفنانة سميرة عبد العزيز، الفنان أحمد نبيل، المخرج جلال العشري، الكاتب المسرحي سليم كتشنر، المصمم والناقد د. صبحي السيد، والمخرجة عبير علي.
وفي تصريحات خاصة، أعرب المخرج أحمد عبد الجليل عن اعتزازه العميق بهذا التكريم، واعتبره “تتويجًا لمسيرة فنية امتدت لنحو خمسة عقود، واعترافًا رسميًا من الدولة، ممثلة في وزارة الثقافة، بأهمية ما قدمه من إسهامات للمسرح المصري”، مؤكدًا أن “المسرح كان وسيبقى بالنسبة له رسالة تنوير لا تنضب، وليس مجرد نشاط إبداعي”.
ومن المقرر أن يصدر المهرجان كتابًا توثيقيًا عن مسيرته، من إعداد وتأليف الباحث والكاتب د. محمد أمين عبد الصمد.
خمسون عامًا من التجديد والإيمان برسالة المسرح
وُلد أحمد عبد الجليل في مدينة المنصورة عام 1952، وبدأت علاقته بالمسرح في سن مبكرة عبر النشاط المدرسي، ليخوض بعد ذلك مسيرة طويلة تنقّل فيها بين التمثيل والإخراج، وتتلمذ على أيدي مخرجين كبار أمثال حسين جمعة ومحمد فاضل وعبد الغفار عودة.
أخرج عبد الجليل أكثر من 120 عرضًا مسرحيًا على مدى 50 عامًا، وُزعت بين قصور الثقافة، المسرح الجامعي، الشركات، مركز الهناجر، والقطاع الخاص.
وتميزت أعماله بطابع طقسي يجمع الموسيقى بالغناء والاستعراض، وبجرأته في تقديم نصوص عربية وعالمية لكبار الكتّاب، من سعد الله ونوس إلى فيكتور هوجو وفريدريش دورينمات.
وكان أول من أدخل المسرح الأفريقي إلى مصر عام 1992، عبر أعمال وول سوينكا، كما أعاد إحياء التراث الغنائي المسرحي من خلال أوبريتات مثل “شهرزاد” و”الجنيه المصري”. ومن أبرز عروضه: “الزير سالم”، “الأسد والجوهرة”، “البؤساء”، و”شبح الأوبرا”.
نال عبد الجليل عشرات الجوائز وكرّمته مؤسسات رسمية وثقافية، كما شارك في تأسيس فرقة دراما 1988، واستوديو الممثل بالمنصورة، ولعب أدوارًا محورية في تطوير فرق المسرح بالأقاليم، خلال مناصبه بهيئة قصور الثقافة.
ويُعد عبد الجليل من أبرز ممثلي مدرسة “الفن للمجتمع”، حيث آمن دائمًا بأن المسرح أداة وعي جماهيري، وضرورة فكرية وتربوية لا ترفًا نخبويًا.
تكريم يحمل عبق التاريخ.. ورؤية للمستقبل.