القاهرة – رندة نبيل رفعت
حذّر الأستاذ الدكتور محمد عبد الله، أستاذ فلسفة الموسيقى بكلية التربية الموسيقية – جامعة حلوان، من تفشي ظاهرة انتحال لقب “ناقد موسيقي” من قِبل غير المتخصصين، مؤكدًا أن هذه الممارسات تمثل تشويهًا متعمدًا للمهنة، وتُفرغ النقد الموسيقي من قيمته العلمية ودوره التنويري في المشهد الثقافي.
وفي بيان رسمي، شدد عبد الله على أن الموسيقى علمٌ لا يقبل التبسيط أو التعدي، فهي ليست مجرد ذوق أو ترف، بل منظومة معرفية قائمة على أسس نظرية وفلسفية يتم تدريسها في الجامعات والمعاهد المتخصصة، وتتطلب سنوات من التكوين الأكاديمي والتدريب العملي لتأهيل من يمارس النقد الفني من موقع علمي ومهني.
وقال عبد الله:
“أمضيت سنوات طويلة من الدراسة حتى حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه في فلسفة الموسيقى، وتدرجت حتى نلت درجة الأستاذية. لهذا، أستغرب تمامًا من تنامي استخدام لقب ‘ناقد موسيقي’ من قِبل أفراد لم يسبق لهم دراسة الموسيقى أكاديميًا، ويكتفون بكتابة انطباعات أو مقالات رأي تُنشر على مواقع إلكترونية، دون امتلاك الحد الأدنى من التأهيل العلمي.”
وأكد أن هذا التعدي لا يقل خطورة عن انتحال الألقاب المهنية في مجالات دقيقة كالهندسة أو الطب أو القانون، معتبرًا أن منح لقب “ناقد” دون سند أكاديمي يمثل تضليلًا للذوق العام، وتشويشًا متعمدًا على المتلقي، وإرباكًا للمشهد الموسيقي الذي يعاني بالفعل من قلة المحتوى التخصصي الرصين.
دعوة إلى الإعلام والمؤسسات الثقافية: تحروا الكفاءة قبل منح المنصات
ودعا عبد الله وسائل الإعلام والمنصات الفنية إلى تحمل مسؤوليتها المهنية في تحرّي دقة التوصيفات والمسميات، وعدم إفساح المجال أمام من يزعمون أنهم “نقاد موسيقيون” دون تحقق من خلفياتهم الأكاديمية، لما لهذا الأمر من تأثير بالغ على الذوق العام وتوجيه الرأي الفني داخل المجتمع.
وختم حديثه بالتشديد على أن:
“النقد الموسيقي ليس هواية ولا مساحة للتعبير الحر المجرد، بل هو وظيفة معرفية دقيقة تماثل في صرامتها العلمية أي تخصص آخر، ويجب صونه من الفوضى والتطفل، وإعادة الاعتبار لدور الأكاديميين الحقيقيين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الفن الراقي”.