الثقافة تفتح أبواب موسكو والقاهرة… شفيدكوي: «ابتسامة مصر سرّ الخلود فى علاقاتنا»

الثقافة تفتح أبواب موسكو والقاهرة… شفيدكوي: «ابتسامة مصر سرّ الخلود فى علاقاتنا»

رندة نبيل رفعت

أكد السفير ميخائيل شفيدكوي، الممثل الخاص للرئيس الروسي للتعاون الدولي في المجال الثقافي، أن العلاقات بين مصر وروسيا ليست مجرد شراكة سياسية، بل هي رصيد تاريخي تمتد جذوره لآلاف السنين، وتستند إلى إرادة متبادلة لبناء مستقبل مشترك يربط الحضارتين المصرية والروسية في إطار من التفاهم والاحترام والثقة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي نظّمته السفارة الروسية بالقاهرة، حيث قدم شفيدكوي رؤية شاملة حول آفاق التعاون الثقافي والفني والتعليمي بين البلدين، وأبعادها الممتدة نحو العالم العربي ككل.

وأشار شفيدكوي إلى أن التعاون المصري–الروسي يتجلى اليوم في مشاريع استراتيجية ضخمة تتصدرها محطة الضبعة النووية، التي وصفها بأنها «صرح تاريخي من كنوز المستقبل»، مشيداً بالمشروعات الوطنية العملاقة في مصر، من المتحف المصري الكبير إلى العاصمة الإدارية الجديدة. واعتبر أن ما يجري في مصر «معجزة تنموية» تُبنى بوعي ودقة ورؤية طويلة المدى.

وشدد المبعوث الروسي على أن الفن والثقافة يمثلان القوة الناعمة الأكثر تأثيرًا في تقريب الشعوب، مؤكداً أن الحوار الثقافي يتجاوز الخلافات السياسية، ويمهّد لجسور تعاون أعمق من أي تفاهم اقتصادي أو عسكري. وأضاف: «الثقافة لغة الإنسانية. على الطاولة السياسية قد تختلف الدول، لكن على الطاولة الثقافية تتوحّد الشعوب».

وتوقف شفيدكوي عند الدور المصري في تحقيق التوازن الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أن القاهرة تحافظ على خيط دقيق بين الغرب وروسيا والجنوب العالمي، وهو توازن وصفه بأنه «صعب… لكنه دليل على دبلوماسية مصر الرفيعة». وأعرب عن تقديره الخاص لهذا النهج، مؤكداً أن روسيا ترى في مصر شريكاً يسهم في الاستقرار العالمي.

وفي السياق الإقليمي، شدد على أهمية القضية الفلسطينية، مؤكداً موقف روسيا الداعي إلى حماية المدنيين وتوفير فرص الحياة الكريمة للشعوب المتضررة من النزاعات.

وحذّر من أن استمرار الصراع في غزة لا يجب أن يعطل الحياة اليومية في مصر ودول المنطقة، مشيراً إلى أن موسكو تسعى دائماً إلى إيجاد «تسوية حقيقية لا تُهدم مع أول اختبار».

وفي مجال السياحة، كشف شفيدكوي أن مصر ما تزال «الوجهة الأولى» للسياح الروس، إلى جانب شرق آسيا، مشيراً إلى أن الروابط السياحية بين البلدين أصبحت جزءاً من الذاكرة الشعبية للمواطن الروسي.

وعلى المستوى الأكاديمي، أعلن عن مباحثات مع وزير التعليم العالي المصري لتعزيز التعاون في المجالات الجامعية وزيادة انتشار اللغة الروسية، إلى جانب جهود لتوسيع البرامج التعليمية الداعمة للمشروعات المشتركة.

كما كشف عن لقاءات موسعة مع مسؤولي صناعة السينما المصرية لبحث إنتاج مشترك يدمج الخبرة الفنية للجانبين ويعيد إحياء التعاون الثقافي الذي ميّز العلاقات السوفيتية–المصرية في الماضي.

وأكد أن السينما، باعتبارها الفن الأكثر شعبية في مصر وروسيا، ستكون محوراً تعاونياً واعداً، سواء عبر إنتاج مشترك لسيناريوهات درامية أو عبر تبادل عروض الفيلم المصري في موسكو والفيلم الروسي في القاهرة.

وقال: «نحتاج إلى استعادة حوار حقيقي بين المجتمعين المدنيين، حواراً عملياً ومهنياً يعيد روح الصداقة المصرية–الروسية».

واختتم شفيدكوي حديثه برسالة رمزية حملت تقديراً خاصاً لمصر وشعبها، قائلاً:


«الثقافة تواصل بين الأزل… أما السياسة فتُعالج المؤقّت. وفي مصر وجدتُ ابتسامة تُعبّر عن الخلود».

ووفق مراقبين، فإن زيارة شفيدكوي وما حملته من رسائل تعكس توجهاً استراتيجياً روسياً لتعميق حضورها الثقافي في المنطقة العربية عبر بوابة القاهرة، التي يرى المسؤولون الروس أنها ما تزال مركز الثقل الثقافي وصاحبة الابتسامة التي «تفتح أبواب التاريخ والإنسان».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: