رندة رفعت
في انطلاقة تعكس خصوصية الإسماعيلية ومكانتها في سجل التاريخ المصري، استقبل الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، واللواء أ.ح أكرم محمد جلال محافظ الإسماعيلية، الوفود الرسمية رفيعة المستوى المشاركة في احتفال “١٠٠ عام من الحرب إلى السلام” داخل رحاب فيلا ديليسبس ومتحف هيئة قناة السويس، في مشهد يجمع بين الدبلوماسية والتاريخ وروح الهوية الوطنية.





وجاءت هذه الزيارة في إطار تعاون مشترك بين هيئة قناة السويس ومحافظة الإسماعيلية والقوات المسلحة وجامعة قناة السويس، واحتفاءً بمرور ١٥٦ عامًا على افتتاح قناة السويس للملاحة البحرية، و١٠٠ عام على بدء إنشاء النصب التذكاري للدفاع عن القناة، بالتزامن مع احتفالات المحافظة بعيدها القومي الـ٧٤، لتؤكد الإسماعيلية مجددًا دورها كعاصمة للذاكرة الوطنية وملتقى حضارات الشرق والغرب.
وشهدت الفعاليات مشاركة واسعة لقيادات بارزة، بينهم الفريق أسامة عسكر مستشار رئيس الجمهورية للشؤون العسكرية، والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وعدد من المحافظين، إلى جانب سفراء الولايات المتحدة الأمريكية وفنزويلا والكويت، وقنصل الصين بالإسكندرية، في حضور يعكس تقديرًا دوليًا لمكانة قناة السويس بوصفها شريانًا استراتيجيًا لحركة التجارة العالمية، ويؤكد مكانة الإسماعيلية كمنطقة ثقل سياسي وتاريخي وحضاري.
وقد بدأ الضيوف جولتهم داخل فيلا ديليسبس، أحد أهم المعالم التاريخية في مدينة الإسماعيلية، والتي تُعد المهد الأول لفكرة قناة السويس والموقع الذي احتضن التخطيط الأولي لحفر القناة. فقد شُيّدت الفيلا عام ١٨٦٢ بقرار من الدبلوماسي الفرنسي فريديناند ديليسبس لتكون المقر الإداري للشركة العالمية لقناة السويس، وتشهد الاجتماعات والمراسلات التي رسمت ملامح المشروع الذي غيّر موازين التجارة العالمية. وتمتاز الفيلا بطراز معماري فريد يمزج بين الروح الأوروبية الكلاسيكية والعناصر الشرقية، لتصبح رمزًا لمرحلة التقاء الحضارات أثناء تنفيذ أضخم مشروع هندسي في القرن التاسع عشر.
تلا ذلك زيارة متحف هيئة قناة السويس الذي يحتضن بين جنباته ما يقرب من ٢٠٠٠ قطعة أثرية وتاريخية تجسد رحلة القناة الممتدة عبر أكثر من قرن ونصف، منذ الحفر وحتى العصر الحديث.
ويقع المتحف داخل المبنى الإداري العتيق للشركة العالمية، والذي يمتد على مساحة ١٠ آلاف متر مربع ويضم أكثر من ١٠٠ غرفة وفناء مركزي واسع. وقد شهد هذا المبنى أحداثًا مفصلية في تاريخ الوطن، أبرزها لحظة اندلاع ملحمة التأميم عام ١٩٥٦ التي انطلقت شرارتها من داخله، ليصبح اليوم متحفًا عالميًا يُوثّق فصولًا من الإرادة والعزيمة المصرية.
وقد أعرب الوزراء والمحافظون والسفراء عن إعجابهم بما شاهدوه من جهود كبيرة لحفظ التراث وإحياء الذاكرة الوطنية، مؤكدين أن الإسماعيلية نجحت في تحويل مواقعها التاريخية إلى منصّات إشعاع ثقافي تعكس عظمة قناة السويس ودورها المحوري في تاريخ مصر والعالم.
وتبقى هذه الاحتفالية رسالة متجددة بأن الإسماعيلية لم تكن يومًا مجرد مدينة على ضفاف القناة، بل صفحة مضيئة من تاريخ وطن… ومفتاح عصرٍ بدأ بالحرب وانتهى بالسلام والتنمية.
