كتبت – رندة نبيل رفعت
لم تكن مداخلة الإعلامي علي وهيب عبر قناة الشرقية العراقية مجرد تصريح عابر، بل جاءت كجرس إنذار يعبّر عن حقيقة الانفجار الكبير الذي يلوح في أفق المنطقة نتيجة السياسات الإسرائيلية المتصاعدة، والتصدعات الفلسطينية الداخلية التي عمّقت مأساة غزة.
هيب رسم صورة قاتمة لكنها واقعية: إسرائيل تنفرد بالقرار وتضرب وتقتل وتهدم، فيما العالم يقف متفرجاً. وبحسب رؤيته، فإن المخطط الإسرائيلي الجديد ليس سوى محاولة لدفن حل الدولتين وإجهاض أي إمكانية لسلام عادل، عبر تحويل غزة إلى ركام وإجبار سكانها على التهجير، ليتم إغلاق ملف القضية الفلسطينية بالكامل.
وفي نقده اللاذع، أشار وهيب إلى أن نتنياهو لا يرى في المشهد سوى كرسي الحكم، بينما وضعت حماس أولويتها في البقاء في السلطة حتى لو كان الثمن دماء الأطفال ودمار البيوت والمنشآت. وهكذا وجد الشعب الفلسطيني نفسه بين مطرقة الاحتلال وسندان الانقسام، يدفع الثمن وحده بآلاف الشهداء والجرحى ومشهد إنساني مأساوي يهز الضمير العالمي.
لكن وهيب لم يغفل عن الإشادة بدور مصر، التي –رغم الخلافات– اختارت أن تقدّم مصلحة الشعب الفلسطيني على أي اعتبارات سياسية. فاستضافتها لوفد حماس، برأيه، تعكس إدراك القاهرة لمسؤوليتها التاريخية تجاه غزة، وإصرارها على لعب دور الوسيط النزيه القادر على فتح أبواب التفاوض، حتى في أحلك الظروف.
المداخلة وضعت الإصبع على الجرح: غزة ليست مجرد ساحة صراع عابر، بل عنوان لمخطط استعماري أكبر يهدف إلى اقتلاع الفلسطيني من جذوره وتصفية وجوده التاريخي. وما يحدث اليوم، بحسب وهيب، ليس “اعتداءات فردية” بل سياسة رسمية ممنهجة تُدار بذات العقلية الفاشية التي حولت الحرب إلى إبادة جماعية صريحة.
وبينما يلهث السياسيون خلف مشاريع ورقية لإدارة غزة بعد الحرب، ذكّر وهيب بحقيقة أساسية: غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، وإدارتها من اختصاص الحكومة الفلسطينية الشرعية وحدها، وما عدا ذلك لا يعدو كونه “أحلاماً فارغة”.
في النهاية، تبدو كلمات علي وهيب كتحذير أخير: إن لم يتحرك العالم سريعاً لوقف المقتلة اليومية، فإن المنطقة بأسرها ستدخل مرحلة انفجار لا يمكن السيطرة على نتائجه.