كتبت – رندة نبيل رفعت
في وقتٍ يحتفل فيه البنك الزراعي المصري بنجاح حملته الاعلانية الأخيرة، التي حملت شعار “مش بس زراعي”، والتي بلغت مشاهداتها عشرات الملايين وصدّرتها شخصيات من طبقات مختلفة تزهو بخدمات البنك، يبدو أن الشعار لم يصمد كثيرًا أمام أول اختبار عملي يخص شريحة مصرية واسعة… المصريين العاملين بالخارج.
ففي خطوة رمزية تهدف إلى تعزيز التعاون الإعلامي، تقدّمنا – كموقع إخباري دولي يحمل اسم “وكالة انباء كاليفورنيا تايمز” ويخاطب المصريين في المهجر – بطلب لإدراج اسم الموقع ضمن المنصات المتعاونة إعلاميًا مع البنك في حملاته الخارجية، لا سيما مع اهتمامنا بتغطية كل ما يُسهم في دعم الاقتصاد المصري وربط المغتربين بمؤسساتهم الوطنية.
لكن الرد الذي تلقيناه من مدير عام الإعلام بالبنك لم يكن فقط مفاجئًا، بل صادمًا في ضيقه وحدّته:
“البنك بيخدم الفلاح ال معاه حيازة… فقط. مش بنهتم بالمصريين اللي بره البلد.”
هذا التصريح، الآتي من مسؤول في مؤسسة يفترض أنها تحمل على عاتقها تنمية الريف وربط الاقتصاد الزراعي بباقي المنظومة الوطنية، يعكس تناقضًا فجًا بين الصورة العامة التي روّج لها البنك أمام الجماهير، وبين الممارسات الفعلية داخليًا.
تناقض جوهري:
كيف لمؤسسة تروّج لنفسها باعتبارها “بنك لكل المصريين”، وتتباهى بتقديم خدمات تمويل شخصي، وشهادات، وبطاقات، وتمويل مشاريع صغيرة، أن تتنصّل فجأة من مسؤولية وطنية واضحة، وهي مخاطبة أكثر من 10 ملايين مصري في الخارج يمثلون أحد أبرز مصادر الدخل القومي عبر تحويلاتهم؟
هل كان إعلان “مش بس زراعي” مجرّد حملة علاقات عامة؟ أم أنه شعار موسمي يُرفَع أمام الكاميرا ويُطوى بمجرد انطفاء الأضواء؟
أين دور البنك في برامج الشمول المالي الوطني إذا كان يُقصي فئة ضخمة من المصريين بناءً على موقعهم الجغرافي؟
هل المطلوب أن نكون داخل حدود “الحيازة الزراعية” كي نُعد مواطنين بنظر هذه المؤسسة؟
ما معنى أن تحقق حملتك ملايين المشاهدات بينما تقصي من المشاركة من هم أكثر تأثيرًا في الاقتصاد الوطني؟
في الوقت الذي تعيد فيه مؤسسات الدولة النظر في دور الإعلام الدولي والمصريين بالخارج كقوة ناعمة واقتصادية وسياسية، يبدو أن بعض الإدارات ما زالت حبيسة عقليات بيروقراطية قديمة ترى في “الفلاح الحائز فقط” بوابة الدخول للعالم.
لقد سقط شعار “مش بس زراعي” أمام أول فرصة تطبيقية بسيطة… وسقطت معه فكرة أن الإعلان وحده يصنع واقعًا جديدًا.