رندة نبيل رفعت
في أمسية ثقافية استثنائية احتضنها نادي السيارات والرحلات المصري مساء الثاني من يونيو، استضاف النادي السفير التركي لدى القاهرة، صالح موطلو شن، في ندوة حوارية حملت طابعًا تاريخيًا وثقافيًا عميقًا، جمعت نخبة من المفكرين والكتّاب والدبلوماسيين والفنانين، وشكّلت نافذة على الإرث المشترك بين مصر وتركيا.خلال الندوة، قدّم السفير التركي النسخة العربية من كتاب “ثلاثة قرون: تاريخ عائلة في تركيا ومصر” للكاتبة أمينة فؤاد طوغاي، والذي جرى نشره بدعم مباشر منه، وبترجمة وصفها بـ”الرفيعة”، مؤكدًا أنها خطوة نحو توثيق صفحة من العلاقات الأسرية والثقافية التي جمعت البلدين.


وأشار إلى أن مقدمة الكتاب حملت توقيعه وتوقيع سليم طوغاي، أحد أفراد العائلة الوريثة، في دلالة على الأهمية العاطفية والتاريخية للمحتوى.السفير شن استعرض في كلمته محطات من التاريخ المشترك، بدءًا من وصول أحمد بن طولون إلى مصر، وصولًا إلى دور الأتراك خلال عهد محمد علي باشا، إذ بلغ عددهم نحو 59 ألفًا وفقًا لتعداد عام 1846، وأسهموا في بناء الدولة الحديثة.
ولفت إلى أن علاقات المصاهرة والقرابة بين الأسر الحاكمة في إسطنبول والقاهرة عزّزت روابط المودة والثقة، مستشهدًا بزيارات تاريخية مثل زيارة السلطان عبد العزيز لمصر عام 1863، والدعم المصري للدولة العثمانية خلال حرب القرم.
ولم يغفل السفير شن الجانب الثقافي الإنساني، إذ طرح فكرة تحويل حياة زينب كامل، حفيدة محمد علي باشا وزوجة أحد الصدور العظام، إلى عمل درامي سينمائي يوثّق هذا التراث المشترك، بالتعاون مع فنانين ومؤلفين مصريين.
وفي الشأن المعاصر، أكد السفير أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة بلغت “مرحلة الثقة الكاملة”، واصفًا التفاهم بين البلدين بـ”الممتاز”، رغم التباينات الطبيعية في بعض الملفات الإقليمية. وأضاف أن تركيا ترى في مصر شريكًا لا غنى عنه في التنمية الإقليمية، وأن المستثمرين الأتراك في مصر هم من الأكثر نشاطًا، خاصة في قطاع المنسوجات، وأن هناك ثلاثة مصانع جديدة في طريقها للافتتاح هذا العام.
كما أثنى على جهود مصر في دعم القضية الفلسطينية، معتبرًا أن التضحيات المصرية عبر التاريخ يجب أن تحظى بالتقدير من الجميع، مشيرًا إلى أن البلدين مؤهلان للعب دور محوري في القضايا الإقليمية عبر تكامل قوتهما الاقتصادية والدبلوماسية.
وختم السفير صالح موطلو شن حديثه بالتأكيد على أن التاريخ ليس مجرد سرد للماضي، بل مصدر إلهام لبناء مستقبل يقوم على القيم المشتركة والتعاون المتبادل بين الشعبين التركي والمصري، اللذين يتقاسمان جغرافيا واحدة، وتاريخًا لا يُمحى.