رندة نبيل رفعت
شهدت العلاقات بين مصر والصين تطورًا ملحوظًا خلال العقد الماضي، حيث تم رفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة في عام 2014. وفي مايو 2024، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة دولة إلى الصين، التقى خلالها بالرئيس الصيني شي جين بينغ، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات متعددة، منها البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق”، والابتكار العلمي والتكنولوجي، والتعاون الاستثماري والاقتصادي .
تُعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر على مدار 12 عامًا متتالية. وقد شهدت الاستثمارات الصينية في مصر نموًا متزايدًا، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. حيث استقطبت المنطقة الصناعية الصينية (تيدا) أكثر من 160 شركة تعمل في قطاعات مختلفة باستثمارات تجاوزت 3 مليارات دولار حتى يونيو 2024. وتُجري محادثات لتوسيع المنطقة الصناعية لتشمل صناعات جديدة .
في إطار تعزيز العلاقات مع الدول العربية، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى عقد قمة عربية صينية، مؤكدًا على أهمية بناء مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك في العصر الجديد. وقد تم الاتفاق خلال القمة على تنفيذ “ثمانية إجراءات مشتركة” تشمل مجالات مثل الابتكار الأخضر، وأمن الطاقة، والحوار بين الحضارات، وتنمية الشباب، والأمن والاستقرار. كما تم التأكيد على زيادة حجم التجارة بين الصين والدول العربية ليصل إلى 430 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027 .
بمناسبة الذكرى الـ80 لتأسيس جامعة الدول العربية، أعربت سفارة الصين بالقاهرة عن تقديرها العالي للجامعة، مشيدة بدورها في تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط. وأكدت على التزام الصين بتعميق الثقة السياسية المتبادلة وتوسيع التعاون العملي مع الدول العربية، والعمل على تنفيذ نتائج القمة الصينية العربية الأولى، وتحضير القمة الثانية بشكل جيد .
يأتي تعزيز العلاقات المصرية الصينية في سياق تحولات إقليمية ودولية، حيث تسعى الصين إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وتعزيز شراكاتها الاقتصادية والسياسية مع الدول العربية. وتُعد مصر شريكًا محوريًا في هذا السياق، نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، ودورها القيادي في العالم العربي. كما أن التوقيت يتزامن مع انضمام مصر إلى مجموعة “بريكس” في عام 2024، مما يعزز من مكانتها في النظام الدولي ويتيح فرصًا جديدة للتعاون مع الصين في إطار هذه المجموعة .
تُظهر العلاقات المصرية الصينية تطورًا مستمرًا نحو شراكة استراتيجية شاملة، تتعزز من خلال التعاون الاقتصادي والاستثماري، والتنسيق السياسي، والدعوات لعقد القمم المشتركة. ويُتوقع أن تستمر هذه العلاقات في النمو، بما يخدم مصالح البلدين، ويسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.