رندة نبيل رفعت
انطلقت اليوم في العاصمة العراقية بغداد أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية الرابعة والثلاثين، في مشهد يجسد عودة العراق بقوة إلى قلب العمل العربي المشترك، ويعكس ديناميكية جديدة في أداء جامعة الدول العربية بقيادة أمينها العام السيد أحمد أبو الغيط.
وترأس الجلسة الافتتاحية نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، بحضور لافت للوفود الوزارية العربية، يتقدمهم الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، فيما ألقى وزير خارجية مملكة البحرين عبد اللطيف الزياني كلمة افتتاحية بصفته رئيس الدورة السابقة.
ويُعد هذا الاجتماع خطوة تأسيسية تمهّد لجدول أعمال القمة المقرر انعقادها بعد غد، حيث يناقش الوزراء مشروعات القرارات الرئيسية التي تمثل أولويات الأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، الأمن القومي العربي، والتحديات السياسية والاقتصادية الإقليمية.
الجامعة العربية، في هذا السياق، تؤكد من جديد دورها المحوري كمنصة جامعة لصياغة توافقات عربية تستجيب لنبض الشعوب وتطلعاتها. وقد عززت هذه الدورة من الحضور العربي من خلال تنسيق رفيع المستوى عبر الاجتماعات التشاورية المغلقة، والحرص على توحيد المواقف حيال قضايا السيادة، الاحتلالات الإقليمية، وتحديات الأمن المائي والغذائي، بما يعكس إدراكًا عربيًا مشتركًا لدقة المرحلة وخطورتها.
وبحكمة عراقية واضحة، جاء انعقاد القمة في بغداد بمثابة تجديد لثقة العالم العربي في العراق كدولة مركزية تمتلك القدرة على جمع الفرقاء وتعزيز التماسك العربي، في وقت تموج فيه المنطقة بالاستقطابات والتحديات. وقد بدا واضحًا أن العراق يسعى من خلال هذه القمة إلى ترسيخ موقعه كجسر استراتيجي بين المشرق والمغرب العربيين، وكمحور توازن إقليمي يحظى بقبول عربي واسع.
ويتضمن جدول أعمال القمة عددًا من القضايا المحورية، من أبرزها متابعة تنفيذ قرارات القمة السابقة التي عُقدت في البحرين، وملف القضية الفلسطينية بكافة تشعباته، إضافة إلى تطورات الأوضاع في الدول العربية الساخنة، ومسائل الأمن القومي العربي، واحتلال إيران للجزر الإماراتية، والتدخلات الإقليمية في السيادة الوطنية للدول الأعضاء.
كما ناقش الوزراء القضايا الاقتصادية والتنموية، ومنها التكامل الاقتصادي، الأمن الغذائي، الطاقة، وتغير المناخ، إلى جانب التحضير لمشروع “إعلان بغداد”، الذي يُرتقب أن يُجسّد رؤية عربية جامعة حيال أبرز القضايا المطروحة على الساحة الإقليمية والدولية.
وفي السياق ذاته، عقدت هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات اجتماعًا لها برئاسة مملكة البحرين، ناقشت خلاله تقارير المتابعة وآليات التنفيذ، تأكيدًا على أهمية الانتقال من الأقوال إلى الأفعال في مسار العمل العربي المشترك.
ويُنتظر أن تتوج هذه الاجتماعات بتحقيق توافقات نوعية تعزز من موقع الجامعة العربية كفاعل دولي له وزنه، وتثبت أن بغداد قادرة على استضافة قرارات مصيرية تعيد صياغة المشهد العربي بروح التعاون والمسؤولية الجماعية.