“زيارة وزير الاستثمار المصري للمغرب: شراكة استراتيجية تُعيد رسم خريطة الاستثمار في شمال إفريقيا”

“زيارة وزير الاستثمار المصري للمغرب: شراكة استراتيجية تُعيد رسم خريطة الاستثمار في شمال إفريقيا”


القاهرة – رندة نبيل رفعت
في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي بين دولتيْ شمال إفريقيا، شهدت الرباط زيارةً رسمية لوزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حملت في طيّاتها توقيع اتفاقيات استثمارية وتجارية تُعيد تعريف أولويات الشراكة الثنائية.

جاءت الزيارة في توقيتٍ حاسمٍ، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز موقعهما كقُطبين اقتصاديين رئيسيين في القارة الإفريقية، وخلق جسور تعاونٍ تدعم النمو الشامل وتُواجه التحديات المشتركة.

تمخضت الزيارة عن توقيع سلسلة من الاتفاقيات التي تُركّز على دمج الاقتصادين المصري والمغربي، مع إيلاء اهتمام خاص للقطاعات ذات الأولوية.

أبرز هذه الاتفاقيات كانت في مجال الطاقة المتجددة، حيث اتفق الجانبان على إنشاء مشروع مشترك لإنتاج الهيدروجين الأخضر، باستثمارات أولية تصل إلى مليار دولار، بهدف تصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا عبر البنية التحتية المغربية.

في قطاع التجارة واللوجستيك، أُعلن عن تبسيط الإجراءات الجمركية بين مينائي الإسكندرية والداخلة، وتسهيل نقل البضائع عبر الممرات البرية والبحرية، ما يُقلل تكاليف التبادل التجاري بنسبة تصل إلى 25%.

كما شملت الاتفاقيات تعزيز التعاون في مجال الصناعات التكنولوجية، عبر إنشاء صندوق مشترك لدعم الشركات الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.

من المتوقع أن تُسهم هذه الشراكة في دفع عجلة النمو في كلا البلدين، حيث تُقدّر الدراسات الأولية أن حجم التبادل التجاري بين مصر والمغرب قد يرتفع من 1.2 مليار دولار حاليًا إلى 3 مليارات دولار بحلول عام 2030.

كما ستُسهم المشاريع المشتركة في خلق آلاف الفرص الوظيفية، خاصة للشباب، مع تركيز خاص على تدريب الكوادر في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

أكد وزير الاستثمار المصري أن “التعاون مع المغرب ليس اختيارًا، بل ضرورة استراتيجية في ظل التحولات العالمية”، مشيرًا إلى أن “الدولتين تمتلكان موارد بشرية وطبيعية تُؤهلهما لقيادة اقتصاد المعرفة في إفريقيا”.

من جانبه، أشاد الوزير المغربي بالاتفاقيات، واصفًا إياها بأنها “خطوة عملية لتحقيق التكامل الإقليمي الذي طالما حلمت به دول القارة”.

تحليل اقتصاديون الزيارة بأنها “نموذج للتعاون الجنوب-جنوب”، خاصة في ظل سعي الدول الإفريقية لتقليل الاعتماد على الشركاء التقليديين.

وأشار تقرير صادر عن البنك الإفريقي للتنمية إلى أن التعاون المصري-المغربي قد يُحفّز دولًا أخرى على تبني استراتيجيات مماثلة، مما يعزز التكتلات الاقتصادية الإفريقية الفاعلة.


زيارة وزير الاستثمار المصري إلى الرباط لم تكن مجرد حدثٍ عابر، بل علامة فارقة في مسيرة التعاون الإفريقي.

فهي تعكس إرادة سياسية لبناء شراكات ذكية تقوم على الاستثمار في المستقبل، وليس مجرد تبادل مصالح آنية.

في ظل ذلك، يبدو أن شمال إفريقيا مقبلة على عصرٍ جديدٍ من التكامل، حيث تُصبح الحدود الاقتصادية بين الدول جسرًا للازدهار المشترك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: