القاهرة – رندة نبيل رفعت
انطلقت اليوم الأربعاء بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية؛ المؤتمر الدولي الرابع عشر للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة تحت عنوان “الذكاء الإصطناعي بالوطن العربي.. بين التأصيل النظري والتطبيقات العملية.. أهداف التنمية المستدامة أنموذجاً”.
وينظم المؤتمر الذي يستمر لمدة يومين الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، وجامعة ليبيا المفتوحة، ويورك برس – بالمملكة المتحدة، والإتحاد العربي للتعليم التقني، وذلك تحت رعاية جامعة الدول العربية.
وينعقد المؤتمر في وقت يقف العالم فيه على أعتاب ثورة رابعة تستند إلى الصناعة في طورها الرابع من حيث استخدامها للتقنية لاسيما التكنولوجيا الحديثة منها، مثل: الروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وانترنت الأشياء، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية والذكاء الإصطناعي الذي زاد الإعتماد عليه في جميع المجالات بنسبة كبيرة خلال السنوات الأخيرة من خلال العديد من تطبيقاته ونماذجه المتنوعة إنطلاقاً من كونه الذكاء الذي يصدر عن الإنسان بالأصل ثم يمنح للآلة أو الحاسوب.
ويهدف المؤتمر إلى دراسة الذكاء الإصطناعي من حيث التأصيل النظري الذي يشرح أهم المرتكزات النظرية التي قام عليها الذكاء الإصطناعي ومن حيث أهم التطبيقات العملية له، بوصفه أصبح مصدراً مهماً للدخل، وذلك من خلال ما يخصص له من إستثمارات مهولة في الكثير من الدول التي حققت السبق فيه، فضلاً عن إمكانية استخدامه كأداة تحكم وسيطرة تقنية جديدة للدول المتقدمة بعيداً عن أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يشكل تهديداً للأمن القومي للكثير من الدول النامية وتحديداً الوطن العربي .
ويناقش المؤتمر المرتكزات النظرية الموضوع الذكاء الإصطناعي الخلفية التاريخية ؛ المفاهيم ؛ الأدوار، و أهم التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي، و الذكاء الإصطناعي بين التكلفة والعائد من خلال دراسة تجارب دولية، وموقع الوطن العربي من خارطة الذكاء الإصطناعي العالمية.
كما يناقش المؤتمر تطبيقات الذكاء الإصطناعي في علوم البيئة والتقنية المستدامة، والتصورات المستقبلية للوطن العربي في بناء منظومة الذكاء الإصطناعي وفقاً لأهداف التنمية المستدامة.
وأكد الوزير مفوض رائد الجبوري مدير إدارة المنظمات والاتحادات العربية بجامعة الدول العربية أن الجامعة اهتمت في السنوات الأخيرة بموضوع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، واعتبرته من الأولويات ضمن أجندتها المختلفة، وبات هذا المجال محوراً لأعمال الكثير من اللجان والملتقيات التي ترأسها الأمين العام للجامعة احمد ابوالغيط، وهو أمر طبيعي في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم.
وقال الجبوري، خلال كلمته بالجلسة الإفتتاحية لأعمال المؤتمر، “لا يخفى على الجميع أن الذكاء الاصطناعي قد أصبح في السنوات الأخيرة حقيقة وواقعاً معاشاً بعد أن خرج من مختبرات البحوث ومن صفحات روايات الخيال العلمي، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إبتداءً من مساعدتنا في التنقل بالمدن وتجنب زحمة المرور، وصولاً إلى إستخدام مساعدين افتراضيين لمساعدتنا في أداء المهام المختلفة، وأضحى إستخدامنا للذكاء الاصطناعي متأصلاً من أجل الصالح العام للمجتمع، وأداة رئيسية تدخل في صلب جميع القطاعات”.
ولفت إلى أن أهداف التنمية المستدامة تتصدى للتحديات العالمية التي نواجهها، بما فيها تلك المتعلقة بالفقر وعدم المساواة والمناخ وتدهور البيئة والإزدهار والسلام والعدالة، فضلاً عن ترابط هذه الأهداف، وللتأكد من ألا يتخلف أحد عن الركب، وضمان تحقيقها بحلول عام 2030، ومن دافع المسؤولية.
وتابع: “لقد ساهمت دولنا العربية مساهمة فاعلة في السعي لبلوغ أحد أو معظم هذه الأهداف، وليس أدل على ذلك إلا إستضافة المملكة العربية السعودية، لفعاليات مؤتمر الأطراف cop16، خلال الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر الحالي، تحت شعار: “أرضنا.. مستقبلنا”، وذلك إنطلاقاً من دورها الريادي في رفع جودة البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث سيتم خلال مؤتمر الأطراف لمكافحة التصحر والجفاف، مناقشة العديد من القضايا البيئية، من قبل أصحاب القرار والمصلحة، في البحث عن حلول دولية عاجلة للأزمات العالمية المُلحة المتمثلة في تدهور الأراضي والجفاف والتصحر”.
وهنأ الجبوري المملكة العربية السعودية لانتخابها رسمياً رئيساً للمؤتمر السادس عشر للأطراف في إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وذلك في حفل الإفتتاح خلال الجلسة العامة الإفتتاحية للمؤتمر بالعاصمة الرياض، التي أصبحت وجهة لصانعي السياسات والمنظمات الدولية والشركات والمؤسسات والدوائر غير الحكومية وأصحاب المصلحة الرئيسيين، وهو أكبر إجتماع على الإطلاق لأطراف إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر البالغ عددها 197 طرفاً، وهو الأول الذي يُعقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتزامن مع حلول الذكرى السنوية الثلاثين لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر- المعاهدة الدولية الوحيدة المُلزمة قانوناً بشأن إدارة الأراضي والجفاف- والتي تم الإحتفاء بها في 17 يونيو، والحدث أيضاً هو أكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق.
وابرز أن دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت قد استضافت مؤتمر الأطراف (COP28)، خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023 في مدينة إكسبو دبي، والذي جمع الأطراف الموقِّعة على إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيُّر المناخي لتقييم التقدم المُحرَز على صعيد مكافحة التغيُّر المناخي، وقد شاركت جامعة الدول العربية بفعالية في هذا الحدث من خلال إقامة جناح لها في المنطقة الزرقاء، ليكون منصة لعرض كافة الجهود العربية في هذا الإطار، وحرصت على مشاركة الدول العربية الأعضاء، والمنظمات العربية المتخصصة، والمجتمع المدني، القطاع الخاص والشباب، ضمن الفعاليات التي عُقدت في هذا الجناح، وهدفَ المؤتمر إلى الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الإرتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، إذ يُعتبر تحقيق هذا الهدف أمراً حاسماً للحد من تزايد تدهور المناخ وتجنب تداعياته المدمرة.
واستطرد قائلا: “وفي سياق التنمية المستدامة أيضاً، من المهم التذكير بأن إدارة التنمية المستدامة بالأمانة العامة للجامعة، قد أطلقت في 24 نوفمبر الماضي، وتحت رعاية كريمة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبالتعاون مع الشركاء من الأمم المتحدة، والإتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، فعاليات النسخة الخامسة من الإسبوع العربي للتنمية المستدامة تحت عنوان “حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل.
المرونة والقدرة على التكيُّف في عالم عربي متطور”، والذي افتتحه أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، والذي أشار خلال كلمته بهذه المناسبة، إلى دلالة عنوان النسخة الحالية من الأسبوع العربي، حيث مر الجزء الأكبر من الفترة الزمنية المحددة لتحقيق أهداف خطة 2030 للتنمية المستدامة، ومازلنا لم نصل إلى مستوى مُرضي يواكب طموحاتنا في المنطقة العربية.
وطالب بضرورة تسريع وتيرة العمل وتعزيز القدرة على التكيُّف، وتطرق معاليه إلى الحروب التي تخوضها إسرائيل في المنطقة خاصة في غزة ولبنان، والتي تخصم من فرص الشعوب في تحقيق التنمية المستدامة وتراجع معدلات النمو واستنزاف الطاقات والموارد وضياع الفرص، فضلاً عما تمر به المنطقة من ظروف صعبة تتزامن مع رياح عالمية غير مواتية منها التضخم والديون التي تطحن إقتصادات بعضها متقدم وبعضها الآخر ينتمي لبلدان الجنوب، والتغيُّر المناخي وما يرتبط به من تصاعد لظواهر الهجرة والصراعات على الموارد الطبيعية.
وقال إن الإسبوع العربي للتنمية المستدامة 2024 ركز على ترابط ودمج المحاور المتعددة للتنمية المستدامة، وهدفَ إلى تعزيز النهج الشامل للتنمية المستدامة التي لا تسهم فقط في النمو الإقتصادي ولكن أيضاً تعزز الإندماج الإجتماعي والحفاظ على البيئة والحوكمة، كما دعا إلى تعزيز التعاون بين الكيانات العربية والإقليمية بشكل أكثر فاعلية، وإطلاق الإمكانات الهائلة في استثمار الموارد المتاحة وتبادل المعرفة والمبادرات المشتركة.
وشدد على ان الدور المأمول من الإتحادات العربية النوعية المتخصصة، يتمثل باضطلاعها بدور رديف ومساند لمنظومة العمل العربي المشترك، وذلك من خلال عملها كأذرع فنية وعلمية تنسق وتدعم الروابط بين الدول الأعضاء، ومن هذا المنطلق نؤكد على أهمية التخصص الذي يباشره الإتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، خاصة أنه قد حرص خلال الفترة الماضية على المشاركة في كافة الفعاليات العربية ذات الصلة بهذا التخصص، وكذا إنتشاره في عدد من الدول العربية، وآخرها إفتتاح مقر له في جامعة ليبيا المفتوحة بالعاصمة الليبية طرابلس، ولأجل كل ذلك، ندعو قيادته إلى مواصلة العمل على ترسيخ وضعه ككيان مهم وناشط في مجال اختصاصه.