مسقط – وكالات
يُشكِّل الموقع الجغرافيُّ المتفرِّد، الذي تملكه سلطنة عُمان، إحدى الميزات الكبرى والمُقوِّمات التي تقوم عليها الخطط والبرامج الاقتصاديَّة وعلى رأسها رؤية «عُمان 2040» الطموحة، حيث أصبح هذا الموقع الجغرافيُّ الفريد إحدى أبرز الأدوات لصناعة مستقبل الاقتصاد الوطنيِّ، وكان الاستثمار في الموانئ البَرِّيَّة والبحريَّة والجوِّيَّة وغيرها من البنى اللوجستيَّة أحد التوجُّهات الراسخة التي تدعم المنافع المنشودة في تطوير الاقتصاد، وتأتي المنطقة الاقتصاديَّة الخاصَّة بالدقم كإحدى أبرز المناطق التي تُعبِّر عن تعظيم الاستفادة من موقع السَّلطنة الاستراتيجيِّ، وكيفية تعزيزه لصالح الجوانب الاقتصاديَّة، والرِّيادة البحريَّة، حيث تمتلك المنطقة موقعًا يربط تجارة العالم القديم، وسَعَتْ إلى تقديم خدمات تُلبِّي الاحتياجات الدوليَّة والإقليميَّة بكافَّة الأوْجُه الاقتصاديَّة المُمكنة.
إنَّ تعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافيِّ البحريِّ، والسَّعيَ نَحْوَ استعادة الهيمنة التجاريَّة البحريَّة، التي اشتهرت بها البلاد على مدار تاريخها التليد، فلسفة عُمانيَّة تربط أمجاد الماضي بحاضر يُواكب التطوُّرات العالميَّة. ويأتي الحوض الجافُّ بالدقم كأحد المشاريع التي استمدَّت من الصِّيت العُمانيِّ في صناعة السُّفن وصيانتها، والتي تسعى إلى ريادة وتنافسيَّة خدماتها وحلولها البحريَّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتصبح مزوِّدًا عالميًّا في تقديم خدمات صيانة وإصلاح السُّفن العملاقة. ويعكس تجاوز عدد المشاريع التي نفَّذتها منذ انطلاقها في عام 2011 أكثر من 1300 مشروع صيانة لأكثر من 550 عميلًا تجاريًّا محليًّا وعالميًّا من 45 دولة، المكانة العالميَّة والإقليميَّة التي يحملها المشروع، الذي حقَّق نموًّا في الإيرادات الماليَّة بلغت (57) مليون ريال عُماني، وصافي ربح بلغ (12) مليون ريال عُماني بنهاية العام 2022 ليصبح أحد الروافد المهمَّة للاقتصاد الوطنيِّ.فلغة الأرقام تُعبِّر عمَّا يملكه المشروع من إمكانات واعدة مكَّنته من أنْ يقوم بأعمال صيانة لـ221 سفينة، منها 190 سفينة للصيانة الدَّوريَّة و31 سفينة لتنفيذ مشاريع أخرى خلال العام الماضي 2022 فقط، تضمنت تركيب المعدَّات والمساعدات الملاحيَّة الجديدة التي تدعم الصناعة البحريَّة لجعل دَورة حياة السُّفن آمنةً وموثوقةً ومستدامة، لتحقق بذلك رقمًا تنافسيًّا في متوسط فترة إصلاح وصيانة السفن بلغ 14 يومًا، مقارنة بمتوسط 18 يومًا في الأحواض الإقليميَّة الأخرى.
ومع تلك الإنجازات تعمل شركة أسياد للحوض الجافِّ على تطوير خدماتها والإضافة إلى محفظة أعمالها خدمة بناء السُّفن، لتكون امتدادًا للتاريخ العُماني المتميز في صناعة السُّفن، حيث تمتلك خطَّة طموحة للتوسعة خلال الفترة (2023-2027م) تضمنت شراء حوض عائم، وبناء ورش ومخازن ومعدَّات جديدة، وقِسمًا مختصًّا بصناعة السُّفن، ما سيُسهم في رفع القدرة الاستيعابيَّة بمعدَّل 20 بالمائة لخدمات الصيانة والإصلاح لمختلف أحجام وأنواع السُّفن.
ولعلَّ توقيع شركة «أسطول لتزويد السُّفن بالوقود» اتفاقيَّة مع شركة «مرسى الدقم للاستثمار» لبناء وتشغيل محطَّة تزويد السُّفن بالوقود تعمل على تنشيط الحركة التجاريَّة وحركة الشحن بميناء الصَّيد البحريِّ بولاية الدقم، خطوة جديدة تُعزِّز الاستفادة من المُقوِّمات الاقتصاديَّة التي تملكها المنطقة الاقتصاديَّة الخاصَّة بالدقم، حيث تُمثِّل الاتفاقيَّة نجاحًا وخطوةً كبيرة التي ستتولى تصميم وبناء محطَّة الوقود في ميناء الصَّيد بالدقم تماشيًا مع المعايير الدوليَّة، بما يضمن أعلى مستويات الأمان والموثوقيَّة وتقديم خدمات استثنائيَّة في مجال تزويد السُّفن بالوقود لصناعة الشحن العالميَّة، ما سيُسهم في تعزيز صناعات الصَّيد المحليَّة والدوليَّة.
فالمشروع يُعدُّ خطوة مهمَّة لصناعة الثروة السَّمكيَّة في سلطنة عُمان، ويُشكِّل ميناء الصَّيد البحري في الدقم إحدى الركائز الأساسيَّة للقِطاع السَّمكيِّ، كما يُعدُّ من المشروعات الاستراتيجيَّة؛ لِمَا له من عائد اقتصاديٍّ كبير لميناء الدقم، حيث سيعمل على تنشيط الحركة التجاريَّة وحركة الشحن، إضافة إلى إيجاد فرص عمل يستفيد منها مجموعة كبيرة من الصيادين.