دعا رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الى ضرورة دعم القوى الناعمة للشعب الفلسطيني كونها حافظة للذاكرة الفلسطينية ومعززة لشهادة صاحب الأرض على ما يقترفه المحتل من اعتداءات وانتهاكات بحقه.
كما دعا الغانم الى ضرورة تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني والمصالحة الوطنية الفلسطينية كشرط استراتيجي وحيد لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وانهاء حالة التشرذم والتشظي السياسي
جاء ذلك في كلمة للغانم أمام المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي في شأن الأوضاع بالقدس المحتلة المنعقد حاليا في العاصمة المصرية القاهرة.
وقال الغانم في مستهل كلمته ‘إن الدعوة لاجتماع طارئ في شأن فلسطين والقدس، مهمة وضرورية ومستحقة، بغض النظر عما سيردده تجار اليأس وبائعو الاستسلام حول فائدة مثل تلك الاجتماعات العربية التي ستكتفي ببيانات الشجب والاستنكار كما سيقولون’.
واضاف الغانم «كل اجتماع ومنتدى ومحفل يذكر فيه اسم فلسطين مهم، وكل نشرة أخبار وبيان ومقال ومنشور، يردد اسم القدس وسائر مدن فلسطين، ضرورية ومؤثرة، لأن صراعنا مع العدو، كان وما زال هو صراع بين الذاكرة و النسيان، وصراع الوجود والاثبات ضد المحو والالغاء».
وذكر الغانم «العدو يخاف ذاكرة الفلسطيني وذاكرة الأرض، وفعل الكثير ليسوق نفسه على إنه واحة الديموقراطية والتعدد والحرية والتقدم، فإذا به يوما بعد يوم، ساحة لإرهاب الدولة واللصوصية وسرقة تاريخ الأرض ابتداءً من الاركيولوجيا وانتهاءً بالفلوكلور، وما بينهما من ثقافة وأدب وموسيقى وعادات وطقوس».
وقال الغانم «عندما قلت إن الفلسطيني ورطة العدو ولعنته الأبدية، لم أكن أبالغ، فالفلسطيني هو شبح هذا المحتل وكابوسه السرمدي، وكل رصاصة غادرة يطلقها العدو كخطوة نحو الخلاص، هي خطوة واسعة نحو الهاوية».
واستطرد الغانم، قائلا «أنا لا أبالغ هنا وأضفي مشهدية شعرية على هذا الواقع المر، لأن شيرين أبو عاقلة لم تكن تحمل سلاحا، أو حجارة أو لافتة هي ببساطة كانت تحرس ذاكرة الفلسطيني عبر عملها الإعلامي، والعدو يدرك إن الصورة أقوى من البندقية في كثير من الأحيان».
وأشار الغانم «منذ غسان كنفاني وحتى شيرين أبو عاقلة كان العدو يخاف القوى الناعمة للفلسطيني، شعر الفلسطيني وسرده وأغنيته وفيلمه السينمائي ودبكته وأهازيجه وطعامه وطقوسه وحكايات الجدات في الليل وكل المخزون الحضاري الذي يتكئ عليه صاحب الأرض الأصيل».
وأكد الغانم «العدو يخاف هذا التعبير اللانهائي والذي لا يتوقف لصاحب هذه الأرض، بوصفه قدرا وأصلا وشيئا طبيعيا، لا كونه غريبا عن الأرض ومتكلفا مع مناخها، وأجنبيا مهما حاول التصالح مع التاريخ».
ولفت الغانم «عندما أنحي مجازا وتجاوزاً، مشهد البندقية والشاب الملثم، كصورة نمطية للفلسطيني، سأضطر هنا أن أتحدث عن هذا الهدير البشري المتحرك والذي يعبر عن نفسه بكافة الأشكال عفوية وحميمية وسلمية، والتي كنا نعتقد للأسف بعدم جدواها وقلة حيلتها».
وأضاف الغانم «سأتحدث عن الصحافي الفلسطيني وعن المهندس والدكتور والروائي والشاعر والفنان التشكيلي والمخرج والطاهي والتلميذ المتفوق وعن هؤلاء الملايين الذين فقط بعيش حياتهم العادية كل يوم، يشكلون أداة ضغط خانقة على العدو ولسان حاله يقول: انهم يحيطون بنا من كل مكان». وذكر الغانم «عن هؤلاء ولهؤلاء يجب أن نتحدث ويجب أن نعمل، والى هؤلاء يجب أن نتطلع، فكنا نقول دائما إن ورطة المحتل هي مع الفلسطيني الشهيد، وهذا صحيح، لكن يبدو ونحن في عصر التكنولوجيا إن ورطة العدو هي مع الفلسطيني الشهيد والفلسطيني الشاهد، فـشيرين أبو عاقلة كانت شاهدة، والمجرم بطبعه يخاف الشهود».
وقال الغانم «ان كان لي من اقتراح عملي بمناسبة عقد هذا الاجتماع الطارئ، فسيتمثل في ضرورة التفكير جديا على مستوى البرلمانيين العرب، ومن ثم الحكومات العربية، لإيجاد صيغة دعم مالي لكل القوى الناعمة الفلسطينية، سواء عبر إنشاء صندوق تمويلي، أو كيان مالي مدعوم من كل الدول العربية».
وأوضح الغانم «الصندوق التمويلي أو الكيان المالي المقترح يعنى بدعم كل الأشكال والنشاطات والمراكز المعنية بحفظ الذاكرة الفلسطينية وتعزيز شهادة الفلسطيني على تاريخه وأرضه، وخاصة ذاكرة القدس المحتلة».
وذكر الغانم ‘الدعم يستهدف تحصين الهوية الفلسطينية من التزييف والتشويه والطمس، عبر الحفاظ على الآثار والمعالم والشواهد الفلسطينية، ورعاية المراكز الثقافية والمكتبات القديمة والمسارح والمحترفات الفلسطينية، ومؤازرة حركة النشر والطباعة والتأليف الفلسطيني، وغيرها من النشاطات’.
وبين الغانم «ان منصات التواصل الاجتماعي ستلعب دورا حاسما وستكون بالضرورة عاملا لانفتاح العالم بأسره على فلسطين، وبالتالي فشل كل أساليب الحصار التقليدية التي يقوم بها العدو وجدرانه العازلة».
وقال الغانم «أود التأكيد على ان الوحدة الفلسطينية ليست خيارا من ضمن خيارات أخرى، بل هي قدر وشرط استراتيجي وحيد، وأقول وحيد، لأن ما عدا ذلك، سيكون كارثيا ومدمرا».
وأعلن الغانم «نحن في البرلمان الكويتي، نعلن وبدون تحفظ دعم كل الجهود التي تصب في صالح وحدة الفلسطينيين وانهاء التشرذم والتشظي السياسي الحاصل حاليا، وندعم بشكل خاص الجهود المصرية والمبادرات الجزائرية وغيرها من التحركات التي تستهدف تعجيل المصالحة الفلسطينية العاجلة، واضعين كل امكانياتنا تحت تصرف الاشقاء لإنجاح مهمتهم».
صرح رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم إن البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي بشأن القدس وما تضمنه من مقترحات منها المقترح الكويتي بإنشاء صندوق مالي لدعم القوى الناعمة الفلسطينية مؤشر إيجابي ومشجع على عودة التضامن العربي ورص الصفوف.
وذكر الغانم في تصريح صحافي اليوم مع نهاية أعمال المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في العاصمة المصرية (القاهرة) «أعتقد أن ما ورد في البيان الختامي والإجماع العربي الكامل عليه مؤشر إيجابي ومشجع على عودة التضامن العربي ورص الصفوف»، مبينا «من دون توحدنا واتفاقنا على مواجهة هذه التحديات لا يمكن أن ننجح».
وأضاف الغانم «الكثير من الأمور المهمة والاقتراحات التي قدمت في هذا المؤتمر والتي تضمنها البيان الختامي يجعل من هذا المؤتمر ينتهي بخطوات عملية وليست فقط إنشائية». وقال الغانم «الاقتراح الذي تقدم به البرلمان الكويتي بإنشاء صندوق مالي لدعم القوى الناعمة الفلسطينية ممثلة بالحفاظ على الذاكرة العربية والفلسطينية في القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك وهما في غاية الأهمية لدعم الصمود العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة».
وأشار الغانم الى «الاقتراح الذي قدم أيضا من مجلس الشورى القطري فيما يتعلق بتوفيق كل الأمور التي تتعلق بتثبيت الوجود والتاريخ العربي في المناطق المحتلة ودعمه من جميع البرلمانات العربية».
وأوضح الغانم «إضافة إلى كل الثوابت التي ذكرها إخواني وأختي رؤساء البرلمانات العربية هي أمور في غاية الأهمية ويجب أن تترجم إلى واقع عربي ملموس».
وأضاف الغانم «أعتقد أن بث الكلمات التي قيلت وطرحت اليوم على الأقل سيرفع الروح المعنوية لأشقائنا في فلسطين المحتلة، ويشعرهم بأنهم ليسوا وحيدين وإنما إخوانهم العرب والشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تشعر وتهتم بهم مع اعتذارنا عن القصور الخارج عن إرادتنا في تلبية مطالبهم وتقديم الدعم المستحق لهم».
واختتم الغانم تصريحه قائلا «في نهاية المطاف كل اجتماع وكل كلمة وكل تحرك أمر يساعد ولن نتوقف عن ذلك إن شاء الله حتى يعود الحق لأصحابه وسيعود عاجلا أم آجلا».