رسوم ترامب على H-1B.. قرار يهدد الابتكار ويصدم الحليف الهندي

رسوم ترامب على H-1B.. قرار يهدد الابتكار ويصدم الحليف الهندي

كتبت – رندة نبيل رفعت

قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم قدرها 100 ألف دولار على تأشيرة العمالة الماهرة H-1B، لم يمر مرور الكرام. فالهند، أكبر المستفيدين من هذا البرنامج، سارعت للتحذير من “عواقب إنسانية واسعة” ستطال آلاف العائلات التي بنت حياتها حول هذه التأشيرة.

◼️ عواقب إنسانية مباشرة

القرار يضرب استقرار آلاف الأسر الهندية التي تعيش وتعمل في الولايات المتحدة. فالتكلفة الجديدة قد تدفع عائلات بأكملها لمغادرة البلاد، تاركة وراءها أطفالاً يتوقف تعليمهم ومشروعات حياتية تنهار فجأة. وهنا تكمن خطورة البُعد الإنساني، الذي جعل الخارجية الهندية تصف الإجراء بأنه اضطراب يهدد النسيج الأسري والاجتماعي.

◼️ الاقتصاد الأمريكي على المحك

برنامج H-1B لم يكن يوماً مجرد وسيلة للهجرة، بل شريان حيوي لوادي السيليكون. أكثر من ثلث المهندسين والمبرمجين في الشركات الأمريكية الكبرى جاؤوا عبر هذه التأشيرة، وغالبيتهم من الهند. هؤلاء لم يأخذوا وظائف الأمريكيين كما يروّج ترامب، بل خلقوا فرص عمل، قادوا ثورات ابتكار، وأسهموا في جعل الولايات المتحدة القوة التكنولوجية الأولى.


اليوم، بفرض هذه الرسوم، يخاطر ترامب بتجفيف منبع الكفاءات، مما قد يدفعها للهجرة إلى أسواق أكثر ترحيباً مثل كندا وأوروبا.

◼️ خلفية تاريخية: من تأشيرة إلى جسر استراتيجي

منذ التسعينيات، تحوّل برنامج H-1B إلى جسر للتكامل الاقتصادي والعلمي بين واشنطن ونيودلهي:

  • أكثر من 70% من الحاصلين عليه سنوياً من الهند.
  • عبره، برزت شركات هندية كبرى مثل TCS وإنفوسيس في السوق الأمريكية.
  • حتى قادة شركات عالمية مثل غوغل ومايكروسوفت بدأوا مسيرتهم في أمريكا بفضل هذه التأشيرة.

بالتالي، المساس بهذا البرنامج لا يمس فقط المهاجرين، بل يضرب في عمق الشراكة الأمريكية–الهندية.

◼️ ورطة جيوسياسية

الهند ليست مجرد “مصدّر للعمالة”، بل شريك استراتيجي محوري للولايات المتحدة في آسيا بمواجهة النفوذ الصيني. التضييق على H-1B قد يُقرأ في نيودلهي كإشارة سلبية من واشنطن، ويعرقل التعاون في ملفات أوسع من التكنولوجيا إلى الأمن والدفاع.

سيناريوهان أمام المشهد

1️⃣ التراجع تحت الضغط: إذا تحركت الشركات الأمريكية العملاقة – مثل مايكروسوفت وغوغل وأبل – فقد يضطر البيت الأبيض إلى تخفيف القرار، حمايةً لتنافسية الاقتصاد.


2️⃣ الإصرار والتصعيد: إذا تمسكت إدارة ترامب بنهج “أمريكا أولاً”، قد ترد الهند دبلوماسياً أو اقتصادياً، بما يفتح جبهة توتر جديدة بين البلدين.

خلاصة رأي

ترامب هنا لا يهدد فقط مستقبل آلاف الأسر، بل يطلق النار على قدميه:

  • يخسر العقول التي بنت وادي السيليكون.
  • يضعف قدرة أمريكا على جذب الابتكار.
  • ويخاطر بعلاقته مع أكبر ديمقراطية في العالم.

إذا استمر هذا النهج، فإن شعار “أمريكا أولاً” قد يتحول سريعاً إلى “أمريكا معزولة”، في وقت لا يمكن فيه لأي قوة كبرى أن تعيش بمعزل عن الكفاءات العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: