الشرق الأوسط على حافة الانفجار: هل يتحول القصف الإيراني-الإسرائيلي إلى مواجهة شاملة أم تفاوض مرحلي؟

الشرق الأوسط على حافة الانفجار: هل يتحول القصف الإيراني-الإسرائيلي إلى مواجهة شاملة أم تفاوض مرحلي؟

رندة نبيل رفعت

في تطور غير مسبوق في حدة التصعيد بين طهران وتل أبيب، بات القصف المتبادل بين إيران وإسرائيل خلال الأسابيع الماضية مؤشرًا على تحوّل جذري في قواعد الاشتباك الإقليمي. ومع تزايد الضربات الجوية وتوسعها، لم تعد الأسئلة تقتصر على “من بدأ”، بل صارت تتعلق بـ”أين سينتهي هذا الصراع، ومن سيدفع الثمن؟”

من الظل إلى المواجهة العلنية منذ أبريل الماضي، بدأت إسرائيل سلسلة من الهجمات الجوية الدقيقة ضد مواقع عسكرية إيرانية في سوريا والعراق، واستهدفت في بعض الأحيان منشآت داخل إيران نفسها.

وردّت طهران في مايو ويونيو بقصف صاروخي وطائرات مسيّرة استهدفت قواعد عسكرية في النقب وشمال إسرائيل.

يقول الجنرال المتقاعد مارك هيرتلنغ، محلل شؤون الشرق الأوسط في شبكة CNN: “ما يحدث حاليًا بين إيران وإسرائيل لم يعد مجرد معارك بالوكالة، بل يمثل انتقالًا واضحًا إلى صراع مباشر، وإن كان محسوبًا بدقة من الطرفين.”

ميزان القوة في ساحة النار تشير التقارير العسكرية الغربية، لا سيما من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، إلى أن إسرائيل تملك تفوقًا تكنولوجيًا واستخباراتيًا، بدعم أمريكي مباشر، ما منحها الأفضلية في توجيه ضربات دقيقة وواسعة النطاق.

لكن إيران أظهرت تطورًا غير متوقع في قدرات الحرب السيبرانية والطائرات المسيّرة طويلة المدى.النتائج حتى الآن:إسرائيل: أصابت مواقع للحرس الثوري في غرب إيران ومنشآت لتطوير الصواريخ.

إيران: ألحقت أضرارًا بقواعد عسكرية إسرائيلية، وأربكت الدفاعات الجوية باستخدام تكتيك الهجمات المركبة (مسيرات + صواريخ).

ويعلق الخبير الروسي أندريه فرولوف:“نجاح إيران في تجاوز القبة الحديدية، وإن كان جزئيًا، أحرج المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لكنه لم يغير التوازن الاستراتيجي.”

هل تتخطى إيران الخط الأحمر؟حتى اللحظة، لم تُقدم إيران على استهداف مفاعل ديمونا النووي، رغم التهديدات المتكررة من قادة الحرس الثوري.

ويُرجح الخبراء أن هذا التردد يعود إلى:خشية ردّ إسرائيلي نووي غير مباشر أو تدمير شامل للبنية التحتية الإيرانية.

تدخلات غير معلنة من أطراف دولية كروسيا والصين لاحتواء أي تصعيد نووي.

يقول رؤوفين بيركو، مستشار الأمن السابق في الحكومة الإسرائيلية: “استهداف ديمونا سيغيّر قواعد اللعبة تمامًا، وسيعتبر إعلان حرب شاملة، بما في ذلك انخراط أمريكي مباشر.”

ثمة مؤشرات متضاربة. من جهة، تتحدث مصادر أوروبية عن اتصالات سرية تجري في عُمان بين وسطاء أوروبيين ومسؤولين أمنيين إيرانيين وإسرائيليين.

ومن جهة أخرى، تُواصل الأطراف التصعيد الإعلامي والعسكري.

الخبير الألماني كلاوس شتاينر من معهد برلين للأمن الدولي يرى أن: “كلا الطرفين يدرك خطورة المواجهة المفتوحة، لكنهما يستخدمان التصعيد كأداة لتحسين شروط التفاوض لاحقًا.”

الخليج على فوهة بركان التصعيد يلقي بظلاله الثقيلة على أمن الخليج العربي:السعودية والإمارات تعززان الدفاعات الجوية بشكل غير مسبوق، تحسبًا لأي توسع للصراع.

قطر تسعى للعب دور وساطة سرية مع دعم تركي-أوروبي.

العراق وسوريا يتحولان إلى ساحات اشتباك بالوكالة، ما يهدد استقرارهما.

أما بالنسبة لمصر والأردن، فهما يقودان مساعي دبلوماسية عبر الجامعة العربية للضغط من أجل وقف إطلاق النار وإعادة فتح القنوات السياسية.

سيؤثر الصراع على القضية الفلسطينية؟ وبشكل مزدوج:

إيجابيًا: التصعيد أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العربي والدولي.

سلبيًا: حوّل الأنظار عن معاناة غزة، وسمح لإسرائيل بتبرير عملياتها هناك باعتبارها “جبهة واحدة” مع إيران.

أين تتجه الأمور؟ السيناريو الأكثر ترجيحًا حتى الآن هو استمرار “حرب الاستنزاف المحدودة”، دون انزلاق إلى حرب شاملة.

لكن نقطة التحول قد تأتي في حال أقدمت إيران على خطوة غير متوقعة، مثل استهداف مفاعل ديمونا أو شن هجوم مباشر من داخل أراضيها.

وفي ظل التوترات المتصاعدة، يبقى الشرق الأوسط رهينة لتوازنات دقيقة بين الجنون الاستراتيجي والردع المتبادل، في انتظار ما ستسفر عنه الكواليس الدبلوماسية التي تدور بعيدًا عن الضجيج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: