“سلام مؤجل: لماذا تراهن أمريكا وأوروبا على حرب طويلة في أوكرانيا؟”

“سلام مؤجل: لماذا تراهن أمريكا وأوروبا على حرب طويلة في أوكرانيا؟”

رندة نبيل رفعت

رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، لا تزال ملامح السلام غائبة، والرهانات الجيوسياسية تتعقد. من القاهرة، وفي حوار نادر يتسم بهدوء نبرته وحدّة مضمونه، أكد السفير الأوكراني ميكولا ناهورني أن بلاده لن تقدم أي تنازلات من طرف واحد، مشددًا على أن المصالح الأمريكية والأوروبية لا تزال حجر الزاوية في المعادلة الأمنية الأوكرانية، وهو ما يعكس استمرار الحرب كأداة ضغط استراتيجي لا كسيناريو عابر.

اعتبر ناهورني أن قمة إسطنبول الأخيرة كانت “حلقة جديدة في مسلسل طويل”، في ظل تمثيل روسي هزيل مقابل وفد أوكراني رفيع، مؤكداً أن لا بوادر روسية حقيقية نحو السلام، باستثناء اتفاق مبدئي على تبادل الأسرى لم يُنفّذ حتى اللحظة. أما مشاركة زيلينسكي، فقد جاءت انطلاقاً من نية حقيقية للحوار، في حين فشل الجانب الروسي في مواكبة هذا الزخم.

في تحول دبلوماسي لافت، أكد السفير اختيار الفاتيكان لاستضافة المفاوضات المقبلة، نتيجة رمزية روحية وسياسية للكرسي الرسولي، لا سيما بعد تولّي البابا الجديد، الذي أبدى، بحسب ناهورني، رغبة جادة بلعب دور محوري في إحلال السلام.

لكن كييف – بحسب ما يُفهم من حديث السفير – تُدرك أن أي اتفاق لن ينجح دون دعم أميركي وأوروبي صريح، ما يجعل “السلام” رهينة حسابات أوسع من الجغرافيا الأوكرانية وحدها.

أكد السفير بوضوح أن روسيا لا تزال ترفض الانسحاب من أراضٍ تحت سيطرة كييف، وتطالب بشروط تمس السيادة الأوكرانية مثل نزع سلاح الجيش وتقليص عدده، مقابل ذلك تضع أوكرانيا خطوطًا حمراء، أهمها رفض الاعتراف بأي تغيير جغرافي قسري أو التنازل عن الهوية الأوكرانية.

في تحول اقتصادي – سياسي مهم، وافقت كييف أخيرًا على توقيع اتفاقية المعادن مع الولايات المتحدة، بعد رفض أولي.

ويُشير ناهورني إلى أن النسخة النهائية لا تتضمن ديونًا، بل تقوم على تأسيس صندوق استثماري مشترك لإعادة إعمار أوكرانيا، ما يعكس التقاطعات العميقة بين الأمن الجيوسياسي والاقتصاد العالمي.

مصر وأوكرانيا.. تعاون رغم ال

أشاد السفير الأوكراني بالعلاقات مع القاهرة، التي ظلت – كما قال – نشطة رغم الحرب.

وأشار إلى تأسيس مركز لوجستي مصري-أوكراني يهدف إلى خدمة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، في وقت واصلت فيه كييف تصدير الحبوب رغم الحصار والمخاطر.

تحرك باتجاه الجنوب العالم

كشف ناهورني عن استراتيجية أوكرانية جديدة تستهدف العالم العربي والقارة الأفريقية، من خلال فتح سفارات جديدة في سلطنة عمان، موريتانيا، رواندا، وغانا، في محاولة لفك العزلة الروسية عن الجنوب العالمي وبناء تحالفات بديلة تعزز شرعية الموقف الأوكراني خارج الفضاء الأوروبي-الأميركي.

خلطط

يتضح من المشهد أن السلام في أوكرانيا ليس قرارًا منفردًا لكييف أو موسكو، بل معادلة تحكمها إرادة ثلاثية: أوكرانية، روسية، وغربية. وبينما تراهن أوكرانيا على موقف أميركي وأوروبي موحد يحصنها سياسيًا واقتصاديًا، فإن الواقع الميداني، واستمرار الدعم العسكري الغربي، يوحيان بأن الحرب باقية إلى حين… وربما إلى حين طويل.

هل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: