رندة نبيل رفعت
في مشهد يعكس تنامي الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وأنقرة، رسم السفير التركي لدى مصر، صالح موطلو شن، خلال حوار خاص مع برنامج “الجمهورية الجديدة”، صورة مشرقة لمسار العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، مشيدًا في الوقت ذاته بالقفزات النوعية التي تشهدها مصر في البنية التحتية والتنمية العمرانية.

السفير شن، الذي يُعرف بدبلوماسيته النشطة ونظرته الاستباقية، اعتبر أن عام 2024 شكّل نقطة تحوّل في سجل العلاقات التجارية، بعدما سجّل التبادل التجاري بين البلدين رقمًا قياسيًا بلغ 8.5 مليار دولار، وهو ما يعكس – حسب تعبيره – “أفضل عام في تاريخ التجارة بين البلدين”، مع توقعاته بأن يتكرر هذا الأداء القوي في 2025.
وأبدى شن إعجابه الكبير بالتطورات الحاصلة في السوق العقارية المصرية، والتي وصفها بـ”الجذابة للغاية”، مستندًا إلى التوسع غير المسبوق في المدن الجديدة كالعلمين والعاصمة الإدارية، إلى جانب البنية التحتية المتكاملة التي تضم شبكات طرق وموانئ وخطوط سكك حديدية فائقة السرعة.
وأشار إلى أن هذه النقلة النوعية حفّزت شركات تركية كبرى لإبداء اهتمام واضح بالاستثمار في البنية التحتية والمناطق الاقتصادية الجديدة.
وعند مقارنة التجربتين المصرية والتركية، شدد شن على ضرورة تسهيل تملك الأجانب للعقارات في مصر، مقترحًا نموذجًا مشابهًا لما تعتمده تركيا واليونان، حيث يُمنح المستثمر العقاري تصريح إقامة تلقائيًا، ما يضيف إلى السوق المصرية عنصر جذب إضافي في المنافسة الإقليمية.
لم يغب البعد الصناعي عن المشهد، حيث أكد السفير أن تركيا حققت جودة عالمية في قطاعها الصناعي، والذي بات العمود الفقري لصادراتها. كما استعرض “قصة النجاح التركية” في السياحة، التي بُنيت على دعم حكومي وترويج ذكي، مشيرًا إلى اهتمام مصري متزايد بتسهيل الإجراءات أمام السياح الأتراك، مع نمو ملحوظ في أعدادهم.
وفي لمسة إنسانية تعكس اندماجه مع الثقافة المصرية، عبّر السفير شن عن تقديره الكبير للفن المصري العريق، وعلى رأسه كوكب الشرق أم كلثوم، مشيرًا إلى شعبيتها الواسعة في تركيا، كما لم يخفِ عشقه للفول الإسكندراني والعيش البلدي والكشري، في مشهد يظهر تقاربًا شعبيًا يوازي التقارب الاقتصادي والسياسي.
الحوار يعكس لحظة ناضجة في العلاقات المصرية التركية، لا تكتفي بالتقارب السياسي، بل تبني على شراكة اقتصادية حقيقية يقودها الفهم المتبادل للمصالح والتنمية.
من بوابة التجارة والاستثمار إلى السياحة والثقافة، تشكّل تصريحات السفير شن مؤشرًا واضحًا على مرحلة جديدة يمكن أن تؤسس لتحالف إقليمي ذكي ومثمر في عالم مضطرب.