القاهرة – رندة نبيل رفعت
في خطوة تُعزز مكانة مصر كقلبة تكنولوجية إفريقية، أعلنت وكالة الفضاء المصرية خلال مؤتمر صحفي مُكثف عُقد بأكاديمية الفضاء عن استضافتها لأكبر حدثين فضائيين في القارة: مؤتمر “نيو سبيس إفريقيا 2025”، والافتتاح الرسمي لمقر وكالة الفضاء الإفريقية داخل منشآت الوكالة المصرية بالقاهرة الجديدة، بحضور نخبة من الخبراء الدوليين ومسؤولي الفضاء الإفارقة، في مشهدٍ يؤكد الثقة العالمية بمقدرات مصر التقنية والتنظيمية.
أكد الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، أن اختيار مصر لاستضافة الحدثين يأتي تتويجًا لعقود من الاستثمار في البنية التحتية الفضائية، مشيرًا إلى أن الوكالة المصرية باتت تضم أحدث المعامل والتجهيزات التكنولوجية في إفريقيا، بدءًا من محطة التتبع الفضائي المتطورة الواقعة على ارتفاع 344 مترًا فوق سطح البحر في القاهرة الجديدة، وصولًا إلى مراكز تصميم الأقمار الصناعية التي تعمل على مشروعات طموحة لتعزيز الأمن الغذائي وإدارة الكوارث في القارة.
ولفت “صدقي” إلى الإرث التاريخي لمصر في علوم الفضاء، موضحًا أن أجداد الفراعنة شيدوا أول مرصد فلكي في العالم بمنطقة “نبتة” بأسوان قبل 7,000 عام، وأن مصر دخلت عصر الفضاء الحديث عام 1998 بإطلاقها أول قمر صناعي إفريقي، فيما تستعد حاليًا لإطلاق 5 أقمار جديدة بحلول 2030، بالتعاون مع دول إفريقية كجزء من استراتيجية لبناء منظومة فضائية موحدة.
من جهته، أشاد الدكتور تديان أوتارا، رئيس مجلس الفضاء الإفريقي، بالدور المصري في دعم التعاون الإفريقي، مؤكدًا أن افتتاح المقر الدائم للوكالة الإفريقية داخل منشآت الوكالة المصرية يُمثل نقلة نوعية نحو تحقيق الاستقلال التكنولوجي للقارة. وأوضح أن الوكالة ستُطلق خلال المؤتمر مبادرة لإنشاء منصة إفريقية لرصد التغيرات المناخية عبر الأقمار الصناعية، بالشراكة مع مؤسسات دولية، لمواجهة تحديات الجفاف والتصحر التي تُهدد ملايين الأفارقة.
كشف الدكتور هيثم أكاه، رئيس الإدارة المركزية لتصميم الأنظمة الفضائية، عن تفاصيل التحضيرات الجارية لاستضافة المؤتمر، الذي سيُشارك فيه ممثلون من 50 دولة، بينهم علماء من “ناسا” و”روسكوزموس”، حيث سيُقام معرض دولي على مساحة 1,000 متر² لعرض أحدث التقنيات في مجال الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب عقد 20 جلسة نقاشية حول تطبيقات الفضاء في الزراعة الذكية وإدارة الموارد المائية، وورش عمل لتدريب الشباب الإفريقي على برامج تصميم الأقمار النانوية.
يأتي المؤتمر تحت شعار “فضاء واحد.. مستقبل واحد”، كمنصة لدعم الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص، حيث يُتوقع توقيع اتفاقيات لتمويل مشروعات إفريقية مشتركة، مثل إنشاء قمر صناعي إفريقي موحد لرصد الكوارث بحلول 2030، وتعزيز استخدام بيانات الأقمار في مشروعات الطاقة المتجددة.
اختُتم الحدث بجولة داخل مرافق الوكالة، حيث اطلع الحضور على نماذج الأقمار الصناعية المصرية الجاهزة للإطلاق، وتفقدوا معامل محاكاة الفضاء المتطورة، في إشارةٍ واضحة إلى أن مصر، بصعودها كقطب فضائي إفريقي، تُعيد إحياء أمجاد أسلافها الذين وضعوا حجر الأساس لعلم الفلك قبل آلاف السنين.