السلطة والدولة التركية مذنبون، و لا تهمهم أرواح الأبرياء

السلطة والدولة التركية مذنبون، و لا تهمهم أرواح الأبرياء

الكاتب والباحث السياسي – أحمد شيخو

تعرض العديد من المناطق في شمال كردستان وتركيا وكذلك في شمالي سوريا وغربها لكارثة الزلال التي بلغت قوتها ٧.٨ درجة، في يوم ٦ شباط\فبراير، حيث فقد الآلاف من الأشخاص حياتهم ومازال آلاف الأشخاص تحت الأنقاض وخاصة في حوالي ١٠ مدن في شمال كردستان وتركيا ومناطق عديدة في ريف عفرين كجنديرس وغيرها وريف حلب الغربي ومحافظة إدلب وحلب والعديد من المناطق الأخرى.
مازاد الأوضاع سوءا وزاد معه أعداد الضحايا، هو التصرفات اللامسؤولة لدولة الاحتلال التركية وسلطاتها وأجهزتها، فحتى ومع مرور أربعة أيام هناك أماكن وقرى لم تصلها أي ألية لمؤسسات دولة الاحتلال التركية، وبل أن الجيش والاستخبارات التركية عمدت إلى عدم مساعدة المناطق ذات الغالبية الكردية وأكتفت ببعض المناطق لفض العتب والمحافظة على ماء وجهها فمدينني ألبستان وبازرجق وهما مركزي الزلزال في ولاية كركم (مرعش) لم تصلها جهود الإنقاذ المحسوبة على السلطة التركية ومازال الشعب وبإمكانياته البسيطة يعمل لإنقاذه بعض الناس ورفع الأنقاض والملفت أن أحد الأشخاص وصل من أوربا لأمام بيت والده وولدته لإنقاذه ولكن أدوات وأجهزة السلطة التركية لم تصل بعد.
لم يقم أردوغان بزيارة مناطق محدودة في المناطق التي تعرضت للزلزال، إلا بعد عدة أيام وبعد أن قامت الدولة التركية بتقييد التوتيتر وقطع النت عن مكان الزيارة لعدم ظهور مواقف ورد فعل الناس أمام رأس سلطة الأحتلال وحتى أن أردوغان وبوجهه المقرف انتقد المواطنين والإعلام التركي لقيامه بنقل الوقائع والحقائق وكأن موت الناس الأبرياء وبقاء الناس تحت الأنقاض لايجب أن يعلم به كل الشعب التركي والعالم.

علينا أن نذكر عاملين عن الحديث عن كارثة الزلزال المدمر:
1- تتحمل السلطة التركية التي تغتصب الحكم مدة ٢٠ سنة، كامل المسؤولية عن هذا الزلزال، لتصرفاتها الكيفية ولعدم قيامها بالمطلوب والإجراءات اللازمة لمواجهة الزلزال، رغم أنه بعد عام ١٩٩٩ وزلزال مرمرة كانت هناك ميزانية لهيئة إدارة الكوارث وحالات الطوارئ(AFAD)، ولكن الحكومات التركية التابعة لأردوغان و حزب العدالة والتنمية، كانت تأخذ هذه الميزانية لصالح حرب الإبادة الجماعية التي تشنها الدولة التركية ضد الشعب الكردي وحروبها العثمانية الجديدة وتدخلها في المنطقة في السنوات العشرة الأخيرة وتشكليها لمجموعات المرتزقة ودعم الإرهاب.
2- قيام الدولة التركية ومنذ التسعينات ببناء مشروع “كاب” وهو مشروع عملاق للسدود وبحوالي ٥٨٠ سد بسبب جشعها وبحجة المياه وتوليد الطاقة ولكن الهدف كان إتمام إبادة الكرد وتغيير الهوية و الملامح التاريخية للمنطقة التي تركزت فيها السدود، وقد شارك فيها العديد من الدول وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل وأوربا وكندا والصين و دول الخليج وغيرهم، ولاشك أن هذه السدود وبالكميات المائية الكبيرة شكلت عامل موجد ومساعد للزلزال وخاصة أن هذه السدود واقعة على فوق مناطق هشة وضعيفة ومتصدعة جيوبوجياً وهي تحتجز كميات ضخمة كما هو سد أليسو وسد أتاتورت الذي لوحده يخزن قرابة 50 مليار متر مكعب من المياه وهذا يعادل الإيرادات المائية لدجلة والفرات حاليا لمدة عام كامل.

و من المهم الإشارة إلى أن رغم الحديث عن عشرات الدول وتقديمهم للمساعدات وجملة البيانات والاستعراضات أمام القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام ، إلا أن الأنباء الواردة من المناطق والمدن الكردية في شمال كردستان تبين أن الناس مازالوا يموتون ليس من الزلزال فحسب بل من الأحوال الجوية القاسية وعدم وجود مستلزمات الوقاية من البرد للأطفال والنساء والمرض وكذلك الغياب التام لمؤسسات دولة الاحتلال التركية والموجود لايتعدى جهود بسيطة من الناس وبإمكانياتهم البسيطة.

وفي سوريا وفي الشمال الغربي في مناطق الاحتلال التركي، هناك الكارثة والفاجعة الإنسانية التي يندى لها جبين الإنسانية، فهناك حارات كاملة أصبحت ركام كما قس مدينة جنديرس ولكن الاحتلال التركي وجبهة النصرة وما تسمى حكومة الائتلاف المرتزقة، لم يقوموا بشيء بل أنهم منعوا الناس في البداية من إنقاذ الناس ورفع الأنقاض بجهودهم الذاتية. والملفت أن دولة الاحتلال التركية ومرتزقتها وفي معبر أم الجلود الواقع بين مدينتي منبج وجرابلس، يمنعون إدخال المساعدات التي أرسلتها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا للمناطق المنكوبة في سابقة خطيرة وهم بذلك يفرضون الموت المحتم على من نجا من الزلزال وحتى أن مرتزقة دولة الاحتلال التركية يأخذون كل غالبية المساعدات المالية التي يرسلها بعض أبناء المنطقة لذويهم في هذه الظروف الصعبة دون أي رادع.
وعليه، نحن أمام كارثة إنسانية تلعب فيها الدولة والسلطات التركية سواء في شمال كردستان و داخل تركيا أو في شمال غرب سوريا دوراً سلبياً ومهيناً وإجرامياً توجب محاسبتهم. ولابد لشعوب تركيا وسوريا أن تقوم بتضافر كافة الجهود والإمكانات لإنقاذ الناس من تحت الأنقاض وكذلك معالجة تداعيات الزلزال وأن لا ينتظر المساعدات من أحد في ظل الكذب والنفاق والسرقة التي تقوم بها أجهزة تركيا ومرتزقتها، وكذلك على المجتمع الدولي والإقليمي أن لا يكون دوره مقتصراً على بعض المساعدات الشكلية وبعض الفرق الطبية وفرق الإنقاذ الصغيرة فالفاجعة أكبر من ذلك والمصيبة كبيرة جداً، يتطلب تدخل كافة مؤسسات المجتمع الدولي وكذلك كافة دول المنطقة وشعوبها. ومن المهم عدم ترك الأمور بيد تركيا ومرتزقتهم ولابد أن تقوم مؤسسات الأمم المتحدة والتحالف الدولي والدول التي ترسل المساعدات أن تكون لها المراقبة الكاملة عن وصول هذه المساعدات إلى مستحقيه والمتضررين من الزلزال وإلى كافة المتضررين وأن لا تستخدمها السلطة التركية في مواضع خاصة لها وكذلك في سوريا يجب أن تكون الجهود الدولية من كافة الجبهات ومن كافة الطرق وليس انتظار الحكومة السورية ودولة الاحتلال و توابعهم الذين يرفضون المساعدات، خاصة أن المساعدات التي تم إعطائها للحكومة السورية حتى تعطيها للمتضررين شوهدت تباع في أسواق دمشق والناس يموتون براً ومن قلة الأكل والدواء في المناطق المتضررة، وبالمقابل دولة الاحتلال التركية لاتفعل شيء لإنقاذ الناس في جنديرس وشمال غرب سوريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: